الغزو البري لغزة (٢)… هل يتحول إلى حرب إستنزاف؟

زياد سامي عيتاني

دخلت الحرب البرية الاسرائيلية على غزة مرحلة “الحرب المتحركة”، وهي ما تعرف عسكرياً بمصطلح “حرب العصابات”، التي غالباً ما تعتمدها حركات التحرر الوطنية في مواجهة الجيوش النظامية، لا سيما في المدن. وهذه الحرب عادة ما تكون باهظة بخسائرها على الجيش المهاجم، وهو ما ينطبق حالياً على الجيش الاسرائيلي. فالمعارك البرية في غزة بين قوات الاحتلال والمقاومين، تدور على مساحة جغرافية ضيقة لا تتجاوز الـ٢٥ كيلومتراً، اذ ان المعارك تقاس بالأمتار، ما يجعل هذه القوات تدخل إلى مناطق جديدة، ثم تتراجع رغماً عنها، تحت حجم الضربات التي تتعرض لها.

وهنا يجب التفريق بين وصول الآليات العسكرية الاسرائيلية إلى المناطق والسيطرة عليها، وبين عدم وجود سيطرة، مع استمرار القتال والاشتباكات، من خلال شن المقاومة في تلك المناطق عمليات مباغتة، وخوض إشتباكات مفاجئة مع العدو. ونستحضر هنا، كلام أبو عبيدة الناطق العسكري باسم “كتائب القسام”، الذي ذكر أن مقاتلي القسام دمروا 136 آلية ودبابة عسكرية في محاور التوغل الاسرائيلي كافة. فالاشتباكات بين قوات الاحتلال وفصائل المقاومة على مساحة تقدر بـ25 كيلومتراً، ويشمل القتال حالياً خطوطاً خارجية وأخرى داخلية. وقوات الاحتلال عندما تتحرك من مكان الى آخر فإنها تترك بعضاً منها من أجل التمركز والتموقع لمواجهة أي هجمات محتملة على القوات المتقدمة إلى الداخل. وتمثل بيت حانون وبيت لاهيا ومخيم الشاطئ ووادي غزة ومناطق أخرى مجاورة خطوط القتال الخارجية وتقدر مساحتها بـ19 كيلومتراً. فهذه المناطق تشهد اشتباكات على 3 مستويات هي التصادم والمواجهة من المسافة صفر والعمليات التي تجري خلف خطوط القوات الاسرائيلية.

لذا، لا يمكن وصف المعارك الدائرة حالياً بأنها معارك كرّ وفر، ولكنها عبارة عن إنجازات يحققها جيش الاحتلال على الأرض، ثم تجبره فصائل المقاومة على التراجع عنها، ما يعني أنها معارك متحركة تتركز في الـ6 كيلومترات.

وتقتضي الاشارة إلى أن العبوات الناسفة المبتكرة أضيفت الى المعركة، وتنقسم إلى نوعين وهي:

– عبوات ناسفة جاهزة مصنعياً أو عبوات يتم إعدادها ميدانياً، وهي توظف على نطاق واسع ضد الآليات والأفراد ومداخل الأنفاق وداخل الأبنية.

– العبوة المضادة تستخدم للأفراد والآليات العسكرية، وتصنع من المتفجرات مثل قذائف الهاون، وتعمل عبر التحكم عن بعد، إذ تتكون من مصدر طاقة، وبادئ تفجير، وشحنة رئيسية متفجرة.

التطورات والوقائع الميدانية العملانية على أرض المعركة من وجهة نظر الخبراء العسكريين، تعتبر مساحة الـ25 كيلومتراً التي تدور فيها المواجهات حالياً صغيرة جداً مقارنة بحجم القوة الاسرائيلية التي تم الدفع بها. وهذا ما يؤكد، أن المعركة في شمالي قطاع غزة تحولت إلى إستنزاف لإيقاع الخسائر بالجيش الاسرائيلي.

شارك المقال