تبادل الأسرى… “استراحة” بين جولات الحروب مع إسرائيل

عبدالرحمن قنديل

أعادت صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة “حماس” خلال الهدنة الحاصلة بعد 48 يوماً من الابادة الجماعية بحق غزة وأهلها، إلى الواجهة كثيراً من صفقات تبادل الأسرى السابقة العالقة في الأذهان بين الفلسطينيين والإسرائيليين على مدى تاريخ الصراع العربي – الاسرائيلي، والتي بدأت عقب الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين عام 1948، وما نجم عنه من حروب مع الدول العربية وعمليات مقاومة شعبية؛ ما أدى إلى وقوع آلاف الأسرى والمعتقلين العرب والفلسطينيين في أيدي سلطات الاحتلال، في حين أسرت الدول العربية وحركات المقاومة أكثر من 1000 إسرائيلي.

وبلغ عدد صفقات تبادل الأسرى التي تمت بين العرب وإسرائيل 38 صفقة في الفترة الواقعة بين عامي 1948 و2011، وتمخضت عن إطلاق سراح آلاف العرب، غالبيتهم من الفلسطينيين ودول الجوار، وفي المقابل أُفرج عن أسرى إسرائيليين، كما تضمن التبادل جثثاً ورفاتاً من الجانبين، وخرائط ألغام والكشف عن مفقودين، وكثيراً ما كانت صفقات التبادل تمرّ عبر الصليب الأحمر الدولي أو من خلال وساطات عربية.

خاض الفلسطينيون 10 عمليات تبادل للأسرى مع الاسرائيليين بين عامي 1968 و2011، هي:

1- صفقة 1968

شكل خطف طائرة إسرائيلية على أيدي الفلسطينيين لأول مرة عام 1968 نقطة تحول في تاريخ النضال الفلسطيني، بحيث بدأ عمل المقاومة الفلسطينية يتخذ منحى جديداً في مسار تحرير الأسرى، حين خطف يوسف الرضيع وليلى خالد من “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” طائرة تابعة لشركة “العال” متجهة من روما إلى إسرائيل، وغيّر الخاطفون اتجاهها فحطت في الجزائر وطالبوا بتحرير جميع الأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية. وبوساطة الصليب الأحمر أُفرج عن 37 أسيراً فلسطينياً، كانوا قد اعتقلوا قبل العام 1967، مقابل إطلاق سراح المختطَفين.

2- صفقة 1969

في آب 1969 اختطفت ليلى خالد وسالم العيساوي من “الجبهة الشعبية” طائرة ركاب أميركية، أثناء رحلتها من لوس أنجلوس في الولايات المتحدة إلى تل أبيب، وأرغما الطيار على التوجه إلى فلسطين والتحليق فوق حيفا على علوّ منخفض ليتمكنا من رؤية مدينتهما التي هُجرا منها قسراً، ثم توجهت الطائرة إلى سوريا فهبطت في دمشق، وأُنزِل ركابها البالغ عددهم 116 شخصاً ثم فُجِّرَت. وتمت عملية تبادل بين إسرائيل و”الجبهة الشعبية”، أسفرت عن إخلاء سبيل عدد من الفدائيين الفلسطينيين المسجونين لدى الاحتلال، وطيارين سوريين هبطا اضطرارياً في فلسطين.

3- صفقة 1971

نفذت خلية من 9 فدائيين ينتمون الى حركة “فتح” عملية على الحدود الشمالية لفلسطين في كانون الثاني عام 1970، وكان الهدف وضع عبوات ناسفة على جدار مستوطنة “ميتولا” المحاذية للحدود اللبنانية، ولكن الخلية اكتفت باختطاف الحارس وعادت. وبعد 4 أيام أعلنت “فتح” أن الحارس أسير عندها، وطالبت باطلاق 100 أسير من الحركة في سجون إسرائيل مقابل الافراج عنه، لكن المفاوضات التي جرت بين حكومة الاحتلال وحركة “فتح” عبر الصليب الأحمر تمخضت عن صفقة مبادلة “أسير مقابل أسير”.

وفي كانون الثاني 1971 أُطلق سراح الجندي الاسرائيلي شموئيل فايز مقابل الأسير محمود بكر حجازي، الذي كان يواجه حكماً بالاعدام، ويعدّ أول أسير فلسطيني في الثورة الفلسطينية المعاصرة التي انطلقت عام 1965.

4- صفقة 1979

عام 1978 نفذ الجيش الاسرائيلي عملية عسكرية على مشارف صور ومخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين، وجزء من مناطق القطاع الشرقي، وخلال الاجتياح الاسرائيلي نصبت “الجبهة الشعبية – القيادة العامة” كميناً لشاحنة إسرائيلية قرب منطقة صور في نيسان 1978، وأسفرت العملية، التي أطلق عليها “النورس”، عن مقتل 4 جنود إسرائيليين وأسر جندي من قوات الاحتياط. ومن خلال الصليب الأحمر تمت صفقة تبادل للأسرى في قبرص بين الجبهة ودولة الاحتلال عام 1979، وأخلِي سبيل الجندي الاسرائيلي، مقابل إطلاق سراح 76 معتقلاً فلسطينياً من فصائل المقاومة المختلفة، من بينهم 12 فتاة فلسطينية.

5- صفقة 1980

احتجزت حركة “فتح” أمينة المفتي، التي كشفت أثناء عملها لصالح المخابرات الاسرائيلية في لبنان، حيث كانت تقدم معلومات عن الفصائل الفلسطينية وقادتها. وفي تشرين الثاني 1973 أُسقطت طائرة زوجها فوق الأراضي السورية، ولما يئست من العثور عليه عادت إلى النمسا، وعرضت عليها المخابرات الاسرائيلية هناك العمل جاسوسة. وفي شباط 1980 تمت عملية تبادل عبر الصليب الأحمر في قبرص، وأُطلق سراح المفتي مقابل الافراج عن المعتقلين مهدي بسيسو “أبو علي” ووليام نصار.

6- صفقة 1983

أسرت حركة “فتح” عام 1982 ثمانية جنود إسرائيليين من قوات “الناحال” الخاصة، في منطقة بحمدون في لبنان، وتم الاتفاق مع “الجبهة الشعبية – القيادة العامة” على المساعدة على إجلاء الأسرى إلى منطقة البقاع، نظراً الى التسهيلات وحرية الحركة التي تتمتع بها سيارات القيادة العامة، وقد احتفظت “الجبهة الشعبية” مقابل ذلك بجنديين، وبقي لدى “فتح” 6 آخرون. وفي العام 1983 حصلت عملية تبادل بين حركة “فتح” وحكومة الاحتلال، عبر الصليب الأحمر، في ميناء طرابلس، تم خلالها تسليم الجنود الستة الاسرائيليين المحتجزين لدى “فتح”.

7- صفقة 1985

تعدّ هذه الصفقة امتداداً لصفقة تبادل عام 1983، إذ أسرت “فتح” 8 جنود في عملية بحمدون في 4 أيلول 1982، ثم أطلقت سراح 6 جنود منهم ضمن عملية تبادل للأسرى عام 1983.

8- صفقة 1991

في أيلول 1991، استردت إسرائيل جثة الجندي الدرزي سمير أسعد بعد 8 سنوات، والذي قُتل خلال الغارة التي شنتها على القواعد الفلسطينية في جزيرة الأرانب في طرابلس، وفي المقابل سمحت بعودة أحد مبعدي الجبهة، وهو النقابي علي عبد الله “أبو هلال”.

9- صفقة 2009

تمت عملية تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة “حماس”، بحيث أطلق بموجبها سراح 20 أسيرة فلسطينية من الضفة الغربية وقطاع غزة، في المقابل، قدمت “حماس” شريط فيديو لمدة دقيقتين يظهر فيه الأسير الاسرائيلي جلعاد شاليط الذي أسر نتيجة عملية “الوهم المتبدد” التي قامت بها الحركة عام 2006 أنه بصحة جيدة.

10- صفقة “وفاء الأحرار” عام 2011

بعد أكثر من 5 سنوات قضاها شاليط في الأسر، اضطرت إسرائيل في تشرين الأول 2011، إلى الرضوخ للمطالب الفلسطينية في صفقة تبادل تاريخية، عبر الوسيط المصري، أطلق عليها “وفاء الأحرار” كانت هي الأضخم بين صفقات المقاومة كافة على المستويين الفلسطيني واللبناني.

وتضمنت الصفقة:

– الإفراج عن 310 معتقلين يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد، وعن جميع النساء المعتقلات في السجون الاسرائيلية، ومنهن 5 معتقلات يقضين أحكاماً بالسجن المؤبد، وبقية الأحكام غير المؤبدة هي أحكام طويلة تتراوح مدتها بين 20 و25 عاماً.

– إطلاق سراح الأسرى كافة من كبار السن والمرضى.

– إطلاق سراح 45 معتقلاً من مدينة القدس.

– إطلاق سراح 6 معتقلين يحملون الجنسية الاسرائيلية، على الرغم من تشدد الاحتلال الكبير تجاه تحرير أسرى يحملون جنسية الدولة.

– تقليص عدد المحررين الذين كانت إسرائيل تطالب بإبعادهم من 500 محرر إلى 203 محررين، إذ أُبعِد 163 محرراً من الضفة الغربية بينهم 15 من القدس إلى قطاع غزة. وأُبعد 40 محرراً إلى الخارج (سوريا والأردن وقطر وتركيا) منهم 29 من الضفة و10 من القدس وواحد من غزة.

وأطلق سراح المعتقلين الذين بلغ عددهم 1027 أسيراً على مرحلتين: المرحلة الأولى: إطلاق سراح 450 أسيراً فلسطينياً و27 أسيرة فلسطينية مقابل الإفراج عن شاليط وتسليمه الى السلطات المصرية يوم 18 تشرين الأول 2011.

المرحلة الثانية: إطلاق سراح 550 أسيراً فلسطينياً يوم 18 كانون الأول 2011، وإعادة شاليط إلى إسرائيل.

شارك المقال