هل يفضي تمديد الهدنة إلى وقف لاطلاق النار؟

زياد سامي عيتاني

كشفت هيئة البث الاسرائيلية تلقي السلطات اقتراحاً لهدنة طويلة تشمل إطلاق سراح كل المحتجزين الاسرائيليين مقابل وقف طويل للنار وإطلاق والافراج عن عدد ضخم من الأسرى الفلسطينيين. تزامن هذا الاعلان مع تكثيف الوسطاء الجهود بين إسرائيل و”حماس”، بهدف التوصل إلى هدنة طويلة الأمد، من شأنها تخفيف حجم المعاناة التي يعيشها سكان قطاع غزة، وإجراء المزيد من المناقشات والاتصالات حول حل دائم للحرب على غزة، التي وضعت جميع الدول المعنية في حالة تأزم. فلم يعد خافياً على أحد أن كبار الوسطاء يضغطون على الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني من أجل وقف طويل الأمد لاطلاق النار، من شأنه أن يطيل أمد الهدنة في غزة إلى ما بعد التمديد الحالي، وبالتالي الشروع في محادثات لانهاء الحصار.

لا شك في أن تمديد الاتفاق يفتح الباب واسعاً أمام اتفاق شامل لوقف إطلاق النار في غزة، قد تستفيد منه جميع الأطراف. فوقف إطلاق النار الممتد من شأنه أن يسهل عودة المزيد من الرهائن الاسرائيليين ويقلل من خطر تعميق الكارثة الانسانية بين المدنيين في غزة. وكذلك يمكن أن يساعد في تهدئة التوترات في الضفة الغربية، وتقليل خطر تصعيد الحرب وتوسعها. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه في هذا الاطار: هل إسرائيل مستعدة لوقف إطلاق النار؟

تشير المعلومات الى أن الادارة الأميركية تضغط على رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو للتخلي عن لغة الحرب، والافادة من القنوات الديبلوماسية المفتوحة. فإذا كان الهدف المعلن للحكومة الاسرائيلية المتمثل في “القضاء على حماس” في ضوء عملية السابع من تشرين الأول، الفاقد لأي واقعية، بات مستحيلاً بعد صمودها في حرب الابادة التي شنت على غزة، خصوصاً بعدما تضامنت شعوب العالم مع الفلسطينيين جراء ما ارتكبه جيش الاحتلال من مجازر وتدمير شامل، لا شك في أن المناقشات الجارية تحمل أهمية خاصة كونها تبقي على قنوات الاتصال مفتوحة بين الأطراف كافة، مصر وقطر والولايات المتحدة، فضلاً عن “حماس” وإسرائيل، من أجل مباحثات أعمق للتوصل إلى حلول. وتمديد الهدنة سيسهم في إعطاء فرصة لكل الأطراف لادارة حوار أكثر عمقاً حول القضايا الخلافية من شأنه حلحلة الكثير منها والتوصل الى اتفاقات محتملة.

إن مسألة وقف إطلاق النار تتطلب جهوداً ديبلوماسية أعمق في الوقت الراهن، لكنها لم تعد أمراً مستحيلاً، بالعكس باتت خياراً أقرب الى الواقع، خصوصاً أن الهجوم العسكري الاسرائيلي لم ينجح في تحقيق أهدافه. لكن تمديد وقف إطلاق النار يجب أن يكون مجرد خطوة أولى في عملية أكبر تتطلب ديبلوماسية إقليمية مكثفة لعواصم القرار، بدعم أميركي، لأن مثل هذا القرار سيمنح واشنطن فرصة لاتخاذ موقف جدي بشأن إستخدام الديبلوماسية لحل الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني الأوسع بطريقة عادلة.

فهل نتنياهو “المنتهية صلاحيته السياسية”، و”الساقطة أهليته العسكرية”، يحتكم إلى الموضوعية، أم يبقى أسير “جنونه العسكري”؟

شارك المقال