لو كنت أسيراً

الراجح
الراجح

لا شك ولا ريب في أن عمليّة 7 تشرين الأول، أو ما سُمِّيَ بــ”طوفان الأقصى”، كان كلاماً بالنار أعاد القضية الفلسطينية إلى الاهتمام العالمي والاقليمي، ما شكل محطة تاريخية لم تكشف طبيعة العدو الاسرائيلي القائمة على القتل والتهجير بل ذكّرت بها وشاهدتها أجيال قرأت في كتب التاريخ عنها. لكننا الآن أمام أسئلة صعبة معقدة لا بد من الاجابة عنها لرسم طريق المستقبل واللّحاق بالحقائق الهاربة.

ماذا إذا قال سكان المستوطنات في الجليل لحكامهم اننا لن نعود إلى بيوتنا قبل زوال الخطر الكبير المحدِق بنا من “حزب الله”؟

ماذا لو قال سكان غلاف غزة بعدم العودة قبل زوال خطر “حماس” وبقيّة الفصائل في غزة؟

الجواب الأولي يؤكد أننا لا زلنا في الحرب ومن غير الممكن البدء بحسابات الربح والخسارة كما يفعل الكثيرون الآن.

كل المعطيات الحالية لم تغيّر الظروف المعقدة والصعبة بل زادتها تعقيداً. فالمحور الذي تنتمي إليه “حماس” يؤمن ويعمل على إزالة إسرائيل من الوجود! ومن الناحية الأخرى نرى أن إسرائيل فقدت “الجناح المعتدل” فيها وذهب، لا بل هاجر، “يسارها” إلى اليأس وترك مجانين يؤمنون بأن الخلاص من حقوق الآخرين هو بإبادتهم.

من خلال هذا “العقل المتحكّم” بدولة العدو و”المنفتح” على حلول مستقبلية للشعب الفلسطيني بإقامة الحكم الذاتي في أحسن الأحوال، وهذا معناه أن القيادة الفلسطينية تحكم الشعب وتبقى لاسرائيل الأرض، أمام هذا العقل المريض بيهودية الدولة، لا يعود للفلسطيني إلا أن يموت جائعاً أو سجيناً.

هذا العقل المريض لحكام دولة العدو لن ينتج حلاً إلا على الأسس التالية:

سيعطي الفلسطينيين الساعات ويأخذ منهم الزمن، سيعطيهم الأحذية ويأخذ الطرقات، وإذا أعطاهم البرلمانات فسيأخذ الحرية.

أما أطفال فلسطين وأطفال غزة فسيعطيهم الحليب المجفف ويأخذ الطفولة، ولن يفوِّت هذا العدو بعد احتلاله أراضي غزة الزراعية وهجماته اليومية على الضفة الغربية، أن يعطي المزارع الفلسطيني السماد الكيماوي ويأخذ الربيع؛ وسيعطي المتاجرين بالقدس الجوامع والكنائس ويأخذ الايمان؛ وسيترك لنا الحراس ويأخذ الأمان. فما فائدتنا إذا أعطونا الثوار وأخذوا الثورة؟

أمام هذا الواقع، لو كنت أسيراً لرفضت الخروج من زنزانتي إلا إلى دولة فلسطينية حرّة مستقلة لأشعر أني أسير محرر، وإلا فما الفرق بين نوافذ غرفتي وقضبان حديد الزنزانة؟

شارك المقال