هل تشتعل جبهة الجنوب لانشاء منطقة منزوعة السلاح؟

زياد سامي عيتاني

يوماً بعد يوم تتصاعد وتيرة المواجهات على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية بين “حزب الله” والعدو الاسرائيلي، وتتوسع بصورة ملحوظة، وسط مخاوف من إنفجار كامل في الجبهة، خصوصاً وأن المواجهات الحالية، باتت تخاض على حافة هاوية ما يعرف بقواعد الاشتباك. وبالتزامن مع هذا التصعيد المقلق، المعطوف على التهديدات الاسرائيلية، يتعرض لبنان إلى ضغوط خارجية، لا تخلو من التحذير، ينقلها الموفدون الخارجيون الى القيادات اللبنانية، لجهة اقتراح إنشاء منطقة عازلة في جنوب لبنان بين خط الليطاني والخط الأزرق الحدودي مع إسرائيل، بمعنى أن تكون المنطقة خالية من السلاح والمسلحين، وأن تسلم إلى الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام “اليونيفيل” بما ينسجم مع الترجمة العملية لمضمون القرار 1701.

هذه التطورات العسكرية والديبلوماسية، تطرح تساؤلات عما إذا كانت جبهة الجنوب مقبلة على خطر حقيقي خلال القادم من الأيام، خصوصاً وأن حرب غزة دخلت شهرها الثالث، من دون أي أفق عسكري أو سياسي، يؤشر الى امكان إنتهائها في المدى المنظور. والمخاوف من إنفجار جبهة الجنوب على نطاق حرب شاملة، ناتجة عن تعزيز الترابط مع التطورات الميدانية في غزة، بسبب إصرار إسرائيل على ما يسميه قادتها “متلازمة” الجبهتين، في بعدها المتّصل بعد إنهاء مهمتها المزعومة في غزة، إذ إن إسرائيل تتمسك بأن أي حل لوقف الحرب على القطاع، يجب أن يتضمن ترتيبات أمنية لا بد من أن تشمل، من وجهة نظرها، وضعيةَ “حزب الله” على حدودها الشمالية، رافعة في هذا السياق عنوان “تفعيل القرار 1701 وتنفيذه بحذافيره على قاعدة إبعاد الحزب وقوة النخبة فيه (الرضوان) عن جنوب الليطاني”.

التصعيد غير المسبوق الذي تشهده جبهة الجنوب منذ حوالي الأسبوع، إرتكز على التطورات التالية:

  • الغارات الجوية العنيفة على أكثر من بلدة حدودية، وتعمد تدمير أحياء كاملة، كنموذج مصغر لإبادة غزة.
  • بعد تكرار قصف الجيش الاسرائيلي لمراكز الجيش اللبناني، عمد الى استهداف موقع لقوة “اليونيفيل” قرب منطقة إبل القمح خلف مستعمرة المطلة.
  •  الغزوات الجوية للمقاتلات الاسرائيلية “الصوتية” التي تنتهك الأجواء اللبنانية، من دون أن توفر أي رقعة، بما فيها بيروت كرسالة سياسية “تهديدية” بسلاح جوها، للمسؤولين اللبنانيين.
  • رفع “حزب الله” نوعياً مستوى عملياته العسكرية التي تستهدف الجيش الاسرائيلي في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة ومزارع شبعا، ومعاودة إستخدامه المسيرات “الهجومية”، فضلاً عن صواريخ متطورة، محققاً إصابات مباشرة ودقيقة في مواقع الجيش الاسرائيلي ومقراته وتجمعاته.

إزاء تسارع التطورات الميدانية على الجبهة الجنوبية وتصاعدها، فإن المتابعين والمراقبين، يضعون إستهداف “الذراعين التنفيذيتين” للقرار 1701، أي الجيش اللبناني و”اليونيفيل” في إطار الضغط المتدحرج الذي تمارسه إسرائيل سواء لتعديل هذا القرار، أو لتنفيذ الشق المتعلق بجعل جنوب الليطاني منطقة خالية من السلاح والمسلحين.

بناءً على ذلك، يرى المتابعون والمراقبون أنفسهم، أن المواجهات، على الرغم من الارتقاء النوعي فيها، لا تزال تدور ضمن نطاق جغرافي “منسق ومنضبط” عسكرياً، من دون أن يسقطوا بالكامل إحتمالات إقدام إسرائيل على مغامرة توسيع عملياتها العسكرية خارج قواعد الاشتباك على الجبهة مع لبنان، لتصبح حرباً في ذاتها لتعديل الـ 1701 أو تطبيقه، ما لم تبرز مؤشرات إلى أن هذا سيكون متاحاً بالطرق الديبلوماسية.

وفي تقدير الأوساط السياسية، فإن اسرائيل ليس بوسعها في ظل إخفاقها الاستراتيجي في غزة، التي تحولت إلى حرب إستنزاف مكلفة لها، أن تقدم على فتح جبهتها الشمالية مع جنوب لبنان، مرجحة إستمرار الوضع على ما هو عليه من تصعيد، للضغط على الادارة الأميركية كي تستخدم نفوذها الديبلوماسي، للتشدد في تنفيذ القرار 1701 بكل حذافيره، وصولاً الى إنشاء منطقة آمنة جنوب الليطاني، خالية من الوجود العسكري لـ “حزب الله”، ومنح الجيش اللبناني و”اليونيفيل” صلاحيات تنفيذية وعملانية لإحكام السيطرة الأمنية على تلك المنطقة.

شارك المقال