قيادة الجيش لعون مقابل الرئاسة لفرنجية

زياد سامي عيتاني

طرح التنسيق البالغ الدقة بين “الثنائي الشيعي” لتمرير مشروع التمديد لقائد الجيش في المجلس النيابي، وليس في جلسة مجلس الوزراء، بعد إطاحة نصابها، علامات إستفهام كبرى، حول ما إذا كان ذلك مقابل مقايضة لتمرير صفقة تمكين مرشحه رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية من رئاسة الجمهورية في مقابل إلتزام التمديد للعماد جوزيف عون. فقد كان لافتاً بقاء “حزب الله” محايداً بين عدم دعم التمديد لقائد الجيش وعدم محاربته، طيلة فترة السجال السياسي، في حين أن رئيس مجلس النواب نبيه بري هو عراب قرار تأجيل التسريح، بالتفاهم غير المعلن مع “حزب الله”، الذي إنسحب نوابه من الجلسة، من غير حلفائه، لعدم تعطيل الجلسة، ما يؤكد أن الحزب مارس “قبة باط” لإقرار التمديد، من دون إستفزاز حليفه جبران باسيل.

في هذا السياق، يعيد المراقبون التذكير بزيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت، التي تزامنت مع هدنة في قطاع غزة إمتدت أيضاً إلى جنوب لبنان، بحيث قيل حينها ان لودريان الذي لم يعلن عن أجندة زيارته، طرح سلة إقتراحات تتعلق بالوضع الجنوبي، إضافة إلى الاستحقاقات الداخلية التي يجب على اللبنانيين إنجازها بدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية وصولاً إلى الشغور الذي يتهدد قيادة الجيش مع اقتراب انتهاء ولاية العماد عون، وفي غياب اتفاق على تسمية قائد جديد في حينه.

حينها ركزت المعلومات التي تم التدوال بها على أهداف زيارة المبعوث الفرنسي ونتائجها على القرار ١٧٠١، ومنها ما ذهب بعيداً في أنه يحاول إقناع المسؤولين اللبنانيين بتعديله، وسط ضغوط خارجية على لبنان للمضي في هذا التوجه. الا أن مصادر من إجتمع بهم لورديان نفت أن يكون قد عرض موضوع التعديل، مؤكدة أنه نقل رغبة دولية بمؤازرة الجيش اللبناني في بسط سيادته على منطقة العمليات الواقعة في جنوب الليطاني من دون أن تلمّح إلى تعديله، مكتفيةً بإعادة تفعيله. فالقوى الدولية ومعها الأمم المتحدة تكتفي بمطالبتها لبنان وإسرائيل بضرورة إحياء القرار ١٧٠١ وتفعيله لضمان تطبيقه بالكامل لجهة التوصل إلى قرار مستدام لوقف إطلاق النار، وذلك إستباقاً لما يمكن أن تصل اليه الأوضاع في المنطقة، عندما تتوقف حرب الابادة الاسرائيلية على غزة. ويومها أبلغ “حزب الله” لورديان رفضه الاستجابة لطلب سحب “قوة الرضوان” من جنوب الليطاني، فيما إسرائيل تمعن في إستباحتها الأجواء اللبنانية وترفض الانسحاب من الأراضي التي تحتلها بما فيها تلك النقاط الواقعة على خط الانسحاب الشامل المعترف به دولياً. وهذا يعني عملياً وضع القرار الأممي في الثلاجة، بإنتظار جلاء الموقف على جبهة غزة، والتسوية المطروحة لإنهاء الحرب.

أوساط “حزب الله” تتخوف من أن إنتهاء الحرب في غزة (وإن يكن ذلك لا يزال بعيداً)، سيضع المنطقة أمام ترتيب يمكن أن يؤدي إلى إعادة رسم خريطة جديدة يُستثنى منها لبنان، لذلك فإن الحزب أكثر تمسكاً بمرشحه “الأوحد والحصري” لرئاسة الجمهورية سليمان فرنجية، لضمان مقعده في التسوية متى نضجت طروفها. فهل تسهيل “حزب الله” التمديد للعماد جوزيف عون، بما ينطوي عليه من “تسليف” سياسي للبطريرك بشارة الراعي و”القوات اللبنانية”، والدول الداعمة لاستمرار عون على رأس المؤسسة العسكرية، مقابل إيفاء “الدين” بإنتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية؟

شارك المقال