إقرار تعديل المادة 73 من قانون المحاكمات الجزائية… هل يسرّع عمل القضاء؟

محمد شمس الدين

كان مشروع التمديد لقائد الجيش جوزيف عون والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان نجم الجلسة التشريعية الأسبوع الماضي، لذلك لم تأخذ القوانين الأخرى التي أقرت ضجة حولها، وأحدها هو مشروع قانون تعديل المادة 73 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، الذي يعتبر مهماً جداً في الاجراءات القضائية اللبنانية كونه يسعى الى وقف المماطلة في المحاكمات عبر تقديم الدفوع الشكلية.

العمل القضائي في لبنان ليس بطيئاً بسبب القضاة فعلياً، على الرغم من أنه كان لهم دور في ذلك بعد الأزمة الاقتصادية بسبب مطالبتهم بحقوقهم، إلا أن القوانين في لبنان تسمح بالمماطلة في المحاكمات حتى من دون أي تدخل (واسطة)، فيكفي أن يقدم محامي القضية دفوعاً شكلية عدة مرات كي تأخذ القضية أشهراً وسنوات أحياناً، ولعل أبرز هذه القضايا التي عرف اللبنانيون فيها كيفية المماطلة في عمل القضاء، هي قضية انفجار مرفأ بيروت، فبين دفوع شكلية، ومخاصمة الدولة، وغيرها من الاجراءات نامت القضية ولم يعد أحد يذكرها أصلاً. لذلك، ماذا يعني هذا التعديل الذي أقر؟ وهل يؤثر إيجاباً في الاجراءت القضائية؟

الخبير القانوني د. خضر ياسين شرح في حديث لموقع “لبنان الكبير” تفسير التعديل المقر، قائلاً: “بموجب التعديل الأخير على المادة ٧٣ من قانون أصول المحاكمات الجزائية، أصبح من شروط قابلية القرار الاستئنافي للتمييز، وجود اختلاف بين المرجعين الابتدائي والاستئنافي، أحدهما رفض الدفع والآخر قبله أو العكس، كشرط لقبول تمييزه، بينما كان التمييز سابقاً لا يشترط هذا الشرط، ما سيفخف من حالات التمييز للمماطلة واضاعة الوقت، الا في حال الاختلاف بين المرجعين الابتدائي والاستئنافي حول قبول الدفوع أو ردها”.

ولفت ياسين إلى أن “استئناف الدفع الشكلي في ظل النص القديم كان يرفع يد القاضي عن الملف فيتوقف التحقيق أو النظر فيه الى حين البت في الاستىئناف أو التمييز، أما حالياً فالاستئناف لم يعد يوقف التحقيق الا اذا قرر المرجع الاستئنافي أو التمييزي ذلك، واستئناف هذا القرار وتمييز القرار الاستئنافي لاحقاً لا يوقفا سير التحقيق الا اذا قرر المرجع القضائي الناظر فيهما خلاف ذلك”.

أما مدعي عام التمييز السابق القاضي حاتم ماضي فأعرب عبر “لبنان الكبير” عن عدم موافقته على التعديل الذي حصل، معتبراً أنه “كان يجب تقليص عدد الأسباب التي تؤدي إلى الدفوع الشكلية، وكنت ممثلاً لوزارة العدل في لجنة الادارة والعدل وطرحنا مشروعاً سابقاً يقلص الأسباب إلى 3 أما في التعديل الجديد فهو سمح ببقاء 6 أسباب، وكذلك لم يحدد التعديل بأي قرار يؤخذ عند الخلاف بين الهيئة الاتهامية وقاضي التحقيق”.

ومن سلبيات التعديل برأي ماضي أن “تحديد الغرامة بنصف الحد الأدنى للأجور، هو مبلغ زهيد، لاسيما مع انهيار العملة، وكان يجب تحديد مبلغ كبير، قد يردع اللعب بالقانون، وكان يجب أيضاً الغاء التمييز نهائياً، لا أن يكون نصف الغاء كما حصل في التعديل المقر، فإن معظم القرارات يكون هناك خلاف بين قاضي التحقيق والهيئة الاتهامية حول الدفوع، وكان من المفترض أن يحددوا أن قرار الهيئة نهائي، وهكذا يلغى التمييز”.

أما من الايجابيات، فرأى ماضي أن “تحديد المهل هو أمر إيجابي كون الوضع سابقاً كان فوضى”، لافتاً الأن “التجربة ستظهر إن كانت هناك أخطاء أو ثغرات في التعديل أم لا”.

تعتبر المحاماة احدى أكثر المهن ذكاء في العالم، فبإمكان المحامي قولبة نصوص القوانين لمصلحة موكله، وهذا الأمر ليس محصوراً بلبنان فقط، بل يشمل العالم، ولكن في لبنان هناك ثغرات كبيرة في القانون تؤدي إلى تباطؤ عمل القضاء ويجب العمل عليها، والمشكلة أن التشريع يأخذ وقتاً أيضاً في لبنان، وإن حصل التشريع فان التطبيق يأخذ وقتاً، بينما في دول العالم الديموقراطية تعمل باستمرار على تطوير قوانينها لتصل إلى أقصى عدالة ممكنة، وبالاضافة إلى كل ذلك هناك أمر في لبنان ليس موجوداً في الدول، وهو “الواسطة” التي تسمح بالتدخل في عمل القضاء، بينما مشروع قانون استقلاليته لا يزال محور أخذ ورد في المجلس النيابي، ويتم رده إلى اللجان أو تأجيل البحث فيه دوماً.

شارك المقال