حرب غزة… ضربة قاضية لوعود بايدن

حسناء بو حرفوش

على الرغم من أن الرئيس الأميركي جو بايدن وصل إلى البيت الأبيض محملاً بالوعود حول الدفاع عن القيم والحقوق العالمية وكرامة كل إنسان، أتت حرب غزة لتنسفها كلها، وفقاً لمقال رأي في موقع “هافينغتن بوست”.

وحسب المقال، “أكد بايدن بعد 10 أيام من تنصيبه أن أولويات سياسته الخارجية ستركز على نهج ديبلوماسي يتمحور حول الدفاع عن الحريات ودعم الفرص والحقوق العالمية واحترام سيادة القانون وكرامة كل الأفراد. ولكن بعد مرور زهاء ثلاث سنوات، أدى تعامل بايدن مع حرب غزة التي تشكل أكبر أزمة دولية حصلت خلال رئاسته، إلى تحطيم مصداقيته. وانهارت رواية بايدن حول مناصرة حقوق الانسان على مستوى العالم بأكثر من شكل طوال فترة رئاسته. ووجد مراقبو الشؤون الخارجية أن ممارساته في الأشهر الثلاثة الماضية وجهت ضربة قاضية الى تلك الصورة. وكان بايدن قد تعهد بتمثيل بلاده بطريقة أكثر إنسانية من سلفه ومنافسه المحتمل في دورة 2024، دونالد ترامب.

وفي هذا السياق، علق يوسف منير من المركز العربي للأبحاث بالتذكير بأن هذه القيم تمثل المعيار الذي وضعه بايدن وإدارته لأنفسهم. ومع ذلك، يبقى حجم الدمار الذي لحق بحياة الفلسطينيين والقتل الجماعي والقسوة التي نرى الولايات المتحدة تدعمها وتقف إلى جانبها، أبعد عن أي شيء رأيناه من قبل، وليس مثل أي شيء رأيناه خلال إدارة ترامب. ووفقاً لمسؤولي الصحة المحليين، أدت الاعتداءات الاسرائيلية الى مقتل أكثر من 20 ألف فلسطيني في غزة، غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال، وإلى نزوح نحو مليوني شخص. ورفضت إدارة بايدن جميع الدعوات العالمية تقريباً الى إجبار إسرائيل على ضبط النفس. ويقول المسؤولون الأميركيون إنهم يشجعون إسرائيل على تجنب إيذاء المدنيين، بينما يرى مؤيدو إسرائيل أن استراتيجية الحرب الاسرائيلية هذه هي أقرب الى هزيمة ذاتية.

ودفع إحجام الولايات المتحدة عن كبح جماح إسرائيل، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الى تفعيل مادة طارئة نادراً ما تستخدم في ميثاق الأمم المتحدة لأول مرة خلال فترة ولايته التي استمرت سبع سنوات، وأثار ذلك قلقاً كبيراً بين حلفاء الولايات المتحدة وداخل الادارة نفسها. وكان جوش بول، المسؤول المخضرم في وزارة الخارجية والذي استقال بسبب السياسة المتبعة في غزة، قد عبّر عن إحباط منتشر في صفوف أنصار حقوق الانسان وخبراء العلاقات الدولية. ويؤثر هذا الوضع على إدارة بايدن مع اقتراب الانتخابات الرئاسية.

صدمة أفغانستان

وقبل صدمة غزة، تسببت سياسة بايدن في صدمة من خلال الانسحاب الفوضوي من أفغانستان في آب 2021 ما أدى الى التخلي عن آلاف الأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة وإلى انتهاكات جماعية لحقوق الانسان، خصوصاً ضد النساء والأقليات الدينية. ولا تزال الصدمة عميقة بعد سنوات، بالاضافة إلى الانطباع الراسخ حول الخطأ الذي ارتكبه بايدن. وواصلت الادارة في المقابل، محاولاتها لتعزيز حججها المؤيدة لحقوق الانسان. وأعادت عضوية الولايات المتحدة في مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة، وأطلقت برنامجاً جديداً لمؤتمرات القمة من أجل الديموقراطية، حفز بعض الأمل بين المحللين الداعين الى مواجهة ما يعتبرونه عودة الاستبداد العالمي.

وطرح فريق بايدن قوانين جديدة وصفها مسؤولون أميركيون وخبراء خارجيون بالأدوات القيمة لمنع انتهاكات الحقوق على المستوى الدولي والسعي الى تحقيق العدالة. وهي تشمل على سبيل المثال خطة البنتاغون الجديدة للحد من الخسائر المدنية الناجمة عن العمليات العسكرية الأميركية؛ وسياسة جديدة تحكم صفقات الأسلحة التي تحظر عمليات نقل الأسلحة إذا قرر المسؤولون الأميركيون أن من الأرجح أن تستخدم هذه الأسلحة لانتهاك القانون الدولي؛ ونظام جديد لتتبع استخدام المعدات الأميركية في استهداف المدنيين أو قتلهم. كما قاموا بإنهاء برنامج المسيرات إلى حد ما. لكن بايدن استمر في انتقائيته في التعامل مع المخاوف بشأن القيم العالمية.

ومنذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس، زاد رفض إدارة بايدن كبح الجرائم الاسرائيلية من شكوك معظم المراقبين. وأثارت العملية الاسرائيلية في غزة والتي تمت بدعم من الولايات المتحدة أزمة داخل مكتب الأمم المتحدة ووصفها خبراء الشؤون الانسانية بأنها غير مسبوقة ومرعبة وسط رفض بايدن الحد بصورة جدية من الدعم الأميركي ومن محاولات حماية حليف الولايات المتحدة من المساءلة العالمية عن أعمال مثل قتل الصحافيين وتدمير عشرات الآلاف من المنازل وضرب المرافق الطبية بصورة متكررة. وفي النتيجة، تتوسع رقعة جرائم الحرب وتزداد معاناة المدنيين وتتآكل أي قدرة أميركية على تعزيز حقوق الانسان على مستوى العالم، من أوروبا وصولاً إلى آسيا”.

شارك المقال