اسرائيل تكثف عملياتها في غزة والضفة وتحذيرات من الكلفة الباهظة لاستمرار الحرب

لبنان الكبير

كثّف الجيش الاسرائيلي اليوم الخميس غاراته وعملياته البرية في وسط غزة وجنوبها، مع تواصل التحذيرات الدولية من “خطر جسيم” يطال المدنيين في القطاع حيث تجاوزت حصيلة القتلى الـ 21110 أشخاص بينهم أكثر من ثمانية آلاف طفل وستة آلاف امرأة، وفق آخر الأرقام الصادرة عن حكومة “حماس”.

وفي ظل الخشية من اتساع نطاق النزاع في الأراضي الفلسطينية وجبهات أخرى، اقتحمت القوات الاسرائيلية فجر اليوم مناطق في الضفة الغربية المحتلة أبرزها مدينة رام الله حيث قتل شخص، في وقت أكد رئيس الأركان الاسرائيلي مستوى الجاهزية “العالي” للجيش بما يشمل الجبهة الشمالية ضد “حزب الله”.

وأفادت وزارة الصحة في حكومة “حماس” الخميس عن ضربات ليلية دامية استهدفت مخيمي النصيرات ودير البلح. فيما أعلن الجيش الاسرائيلي مواصلة عملياته في خان يونس، كبرى مدن جنوب القطاع والتي تشكل منذ مدة محور العمليات البرية، وفي مخيمات وسط القطاع. كما بثّ صوراً لجنوده يتقدمون في أنفاق قال إن “حماس” حفرتها قرب مستشفى الرنتيسي للأطفال في غرب مدينة غزة بشمال القطاع.

وكان المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي دانيال هاغاري ألمح ليل الأربعاء الى احتمال “توسيع القتال في الشمال” على الحدود مع لبنان حيث تتبادل الدولة العبرية و”حزب الله” القصف منذ اندلاع الحرب في غزة قبل أكثر من شهرين.

وأتت تصريحات هاغاري بعد ساعات من زيارة قام بها رئيس الأركان هرتسي هاليفي الى مقر قيادة المنطقة الشمالية حيث أكد أن الجيش في “مستوى جاهزية عالٍ للغاية”، وفق ما أفاد بيان عسكري.

أضاف: “لقد صادقنا اليوم على خطط مختلفة للمراحل اللاحقة، حيث يتعين علينا أن نكون جاهزين للهجوم إذا لزم الأمر”.

وتوازياً مع الحرب في جنوب غزة، تشهد مناطق الشمال الاسرائيلي تبادلاً للقصف مع “حزب الله” الذي يعلن استهداف مواقع ونقاط عسكرية للجيش “إسناداً” للفلسطينيين، بينما يردّ الجيش بغارات جوية وقصف مدفعي على جنوب لبنان، معلناً استهداف “بنى تحتية” للحزب.

وأسفر التصعيد على الحدود بين البلدين عن مقتل نحو 160 شخصاً على الأقل في لبنان بينهم أكثر من 110 مقاتلين من “حزب الله” و17 مدنياً على الأقل بينهم ثلاثة صحافيين وفقاً لحصيلة “فرانس برس”. وفي الجانب الاسرائيلي قتل 13 شخصاً على الأقل بينهم تسعة جنود.

“خطر جسيم”

ومع تواصل العمليات على الأرض، أعلن الجيش الاسرائيلي صباح اليوم الخميس مقتل ثلاثة جنود، ما يرفع حصيلة خسائره منذ بداية القتال البري الى 167.

وأعربت مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الانسان الأربعاء عن “قلق بالغ حيال قصف القوات الاسرائيلية المتواصل لوسط غزة”، معتبرة أن “على كل الهجمات أن تمتثل بشكل صارم إلى مبادئ القانون الانساني الدولي بما في ذلك التمييز والتناسب وأخذ الاحتياطات”.

توازياً، تواصلت التحذيرات من الكلفة الباهظة لاستمرار النزاع. وجدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، الدعوة إلى “وقف إطلاق نار مستدام” في غزة، مشدداً على “ضرورة العمل من أجل وقف إطلاق نار مستدام، بمساعدة جميع الشركاء الاقليميين والدوليين”.

ووفق الاليزيه، أعرب ماكرون لنتنياهو عن “قلقه العميق إزاء الخسائر الفادحة في صفوف المدنيين وحالة الطوارئ الانسانية المطلقة التي يواجهها السكان المدنيون في غزة”.

كذلك، طالب رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز خلال زيارة إلى العراق الخميس بـ”وضع حد للأعمال الحربية ووقف إطلاق نار دائم”، فيما دعا نظيره العراقي محمد شياع السوداني إلى “الضغط على دول العالم لإيقاف هذه الحرب المدمرة والسماح بدخول المساعدات الانسانية وكذلك إطلاق سراح الأسرى والرهائن”.

أما المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس فحذر الأربعاء من “خطر جسيم” يواجهه سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.

ودعا المجتمع الدولي الى اتخاذ “خطوات عاجلة للتخفيف من الخطر الجسيم الذي يواجه سكان غزة ويقوّض قدرة العاملين في المجال الانساني على مساعدة الأشخاص الذين يعانون من إصابات فظيعة ومن الجوع الحاد، والمعرضين لخطر شديد للإصابة بالأمراض”.

وتؤكد المنظمة أن 21 من أصل 36 مستشفى في القطاع توقفت عن العمل.

“لا منطقة آمنة”

وبحسب أرقام الأمم المتحدة، أرغم 1,9 مليون شخص يمثلون 85% من سكان القطاع، على النزوح من منازلهم بسبب المعارك، فيما يخيم شبح المجاعة على القطاع الذي يواجه أزمة انسانية متعاظمة في ظل الحصار الاسرائيلي وشحّ المساعدات الانسانية التي تدخل إليه منذ بدء الحرب

ومن النازحين إيمان المصري (29 عاماً) التي أنجبت أربعة توائم في عملية قيصرية إثر نزوحها مشياً على الأقدام.

ووضعت المصري أولادها ياسر وتيا ولين على فرشة بجوارها داخل فصل في مدرسة بغرب مدينة دير البلح بينما يرقد مولودها الرابع محمد في قسم الحضانة في مستشفى بمخيم النصيرات.

وغادرت الأم منزلها في بيت حانون على عجل في اليوم الخامس من حرب ظنّت أنها لن تطول. وقالت لـ “فرانس برس”: “أخذت معي فقط بعض الملابس الصيفية لأطفالي، اعتقدت أن الحرب لن تتجاوز أسبوعاً أو اثنين وسنعود للمنزل”.

سارت إيمان وهي حامل في شهرها السادس مع أطفالها الثلاثة الصغار مسافة خمسة كيلومترات من منزلها إلى مخيم جباليا، حيث وجدت مركبة تنقلهم إلى دير البلح. وشرحت “المسافة التي قطعتها من بيت حانون الى معسكر جباليا أتعبتني كثيراً وأثرت على حملي… ذهبت الى الطبيب وأخبرني أن لدي أعراض ولادة مبكرة وأني سألد بشكل مبكر، قاموا بإعطائي إبراً لتثبيت الحمل”. وفي الشهر الثامن من الحمل، قرر الأطباء تحفيز المخاض، وولدت أربعة توائم في 18 كانون الأول الجاري.

وغير بعيد من دير البلح، طال قصف إسرائيلي مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) تؤوي آلاف النازحين ليل الثلاثاء -الأربعاء في مخيم المغازي للاجئين.

وقال أحد النازحين الذي طلب عدم كشف اسمه: “لا توجد منطقة آمنة في غزة”.

“انتقام” إيراني 

ومنذ اندلاع الحرب في غزة، زادت حدة التوترات في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967.

وقتل شاب برصاص القوات الاسرائيلية ليل الأربعاء – الخميس خلال عملية في رام الله تخللتها مداهمة محال صرافة ومصادرة ملايين الشواكل، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.

وطالبت الأمم المتحدة إسرائيل الخميس بـ”وضع حد لعمليات القتل غير المشروع وعنف المستوطنين” بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، منددة بـ”التدهور المتسارع” في وضع حقوق الانسان فيها منذ بدء الحرب في غزة.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الانسان فولكر تورك في بيان: “ان استخدام التكتيكات العسكرية والأسلحة في سياقات إنفاذ القانون، واستخدام القوة غير الضرورية أو غير المتناسبة، وفرض قيود واسعة على الحركة هي أمور مقلقة للغاية”. وأكد أن “شدة العنف والقمع أمر لم نشهده منذ سنوات”.

وقُتل أكثر من 310 فلسطينيين في الضفّة الغربية المحتلّة على أيدي القوات الاسرائيلية، وفي بعض الحالات على أيدي مستوطنين إسرائيليين، منذ بدأت الحرب في قطاع غزة، بحسب حصيلة لوزارة الصحة الفلسطينية.

ولا تزال المخاوف من توسع الحرب في المنطقة قائمة، خصوصاً مع تبادل القصف على الحدود الفلسطينية – اللبنانية بين الجيش الاسرائيلي و”حزب الله”، والهجمات التي يشنها الحوثيون في اليمن على سفن يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر وبحر العرب.

وأكد الجيش الاسرائيلي اليوم تحطم طائرة مسيّرة قرب قرية في مرتفعات الجولان السوري المحتل، بعد إعلان فصيل عراقي مسؤوليته عن هجوم في المنطقة.

وهدد المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني رمضان شريف الأربعاء إسرائيل بـ”أعمال مباشرة وأعمال تقوم بها جبهة المقاومة” رداً على مقتل القيادي في الحرس الثوري رضي موسوي الاثنين بضربة إسرائيلية في سوريا.

وعلى إثر مقتل موسوي، طالبت دمشق في رسالتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بوضع حد “للسياسات العدوانية الاسرائيلية”، مؤكدة أنها “تنذر بإشعال المنطقة”، على ما أوردت وكالة الأنباء الرسمية “سانا” الخميس.

شارك المقال