الصندوق السيادي… قانون عصري والعبرة بالتنفيذ

محمد شمس الدين

تسرق التطورات الميدانية الأضواء من كل الأمور الأخرى في لبنان، حيث السؤال الأبرز لدى اللبنانيين “في حرب؟”. إلا أن هناك العديد من الملفات المهمة تمر خلال هذه الفترة، وقد تشكل أهمية كبرى لمستقبل البلد، مثل مشروع قانون الصندوق السيادي، الذي أقر في الجلسة التشريعية الأخيرة، وكان نجمها فعلياً التمديد لقادة الأجهزة الأمنية، فهل يكون هذا الصندوق إيجابياً للبلد أم سيلحق أشباهه من الصناديق السابقة؟

غالبية الدول التي لديها عائدات كبرى من قطاع معين، تنشئ صندوقاً لادارة هذه العائدات بأفضل طريقة ممكنة، ولعل أبرز مثال على هذا الأمر هو الصناديق الاستثمارية في الدول النفطية، التي تدير عائدات النفط التي تنتجها.

وبما أن من المتوقع أن يدخل لبنان نادي الدول النفطية، طرحت فكرة الصندوق السيادي، الذي يهدف الى ادارة العائدات التي سترد من الثروة النفطية. وقد حظي القانون بنقاش طويل في اللجان النيابية، لا سيما لجهة آلية تعيين مجلس إدارة الصندوق، فهل القانون الذي أقر يحمي عائدات الثروة النفطية لمستقبل لبنان؟

عضو لجنة الادارة والعدل النيابية النائب أشرف بيضون أشار في حديث لموقع “لبنان الكبير” إلى أن هذا الصندوق يتمتع بالاستقلالين المالي والاداري، ويمتلك الشخصية المعنوية المستقلة، ويرتبط بمجلس الوزراء مجتمعاً، موضحاً أن الصندوق يمتلك “عائدات من جميع واردات الدولة من الأنشطة البترولية المعرّف عنها في القانون 120/2010، كما يمتلك عائدات استثمار على الأصول المالية، أي الأموال التي يجنيها الصندوق من استثماراته”.

ولفت بيضون إلى أن الصندوق ينقسم إلى محفظتين: “التنمية، وتوضع فيها العائدات الضريبية من الأنشطة البترولية، والهدف منها تمويل مشاريع تنموية منتجة في الموازنة العامة للدولة. أما محفظة الادخار والاستثمار، فتوضع فيها كل الواردات من الأنشطة البترولية ما عدا العائدات الضريبية، والهدف هو استثمار هذه الواردات للحصول على عائدات أكثر”.

أما لجهة الادارة وأعضاء مجلس ادارة المجلس، فقال: “القانون عصري، وآلية التعيين فيه تستعمل للمرة الأولى في لبنان، حيث سيتم التعيين في مجلس الوزراء، ولكن الاقتراح سيكون عبر مجلس الخدمة المدنية، الذي سيتعاون مع مؤسسات توظيف دولية”.

زميلته في اللجنة النائب غادة أيوب تخوفت من أن تتم عرقلة القانون أو تغيير روحيته عبر المراسيم التطبيقية، إلا أنها اعتبرت أن “القانون سينفذ لاحقاً، وليس اليوم، ومن المفترض أن يكون أصبح للبلد رئيس جمهورية وحكومة فاعلة، على أمل أن لا تكون على وزرائها شبهات، ويكونوا اصلاحيين لا هدفهم تلبية رغبات الجهة التي عيّنتهم”.

وأشارت أيوب إلى أن كل المشاريع والاقتراحات التي أقرت في الجلسة التشريعية نوقشت في اللجان المختصة، سواء في المال والموازنة أو الأشغال أو اللجان الفرعية. وقالت: “شاركنا في كل التغييرات والتعديلات التي حصلت في هذه القوانين، ومنها الصندوق السيادي الذي تعرض لبعض التعديلات خلال الجلسة، ولكنها كانت ضمن المعقول، بحيث لم تتغير الهيكلية لهذا القانون، واليوم لا خوف لأنه ليس معداً ليطبق الآن، خصوصاً أننا نتحدث عن 7 سنين تصبح لدينا عائدات ضريبية أو غيرها، والقوانين ليست جامدة وقابلة للتعديل اذا تبين معنا أنه بحاجة الى تعديلات معينة”.

وذكرت أيوب بـ “أننا منذ البداية كنا نقول ان مجلس الخدمة المدنية هو الذي يجب أن يكون السلطة الصالحة للتعيين، ولكنه لا يمتلك الخبرات الكافية كي يستطيع اجراء المقابلات وينتقي ويختار أصحاب الكفاءات المتطورة جداً لادارة محفظة التنمية والاستثمار، وبالتالي بقي النص على أساس أن يستعان بشركات تمتلك معايير دولية لاختيار هؤلاء الأشخاص”.

أضافت: “لم تكن هناك حاجة الى إقرار القانون الآن، وكنا نفضل أن يتأجل الى ما بعد انتخاب رئيس، بحيث يمكن إقرار هذه القوانين ضمن سلة إصلاح شاملة”.

إذاً، في النصوص القانون أكثر من جيد، وهذا أمر ليس غريباً على التشريعات اللبنانية، اذ لطالما كانت متقدمة، ولكن المشكلة في التنفيذ، بحيث يتم إفقاد هذه النصوص روحيتها، ولذلك لا يمكن الحكم على القانون إلا حين يبدأ تنفيذه، علماً أن الأمر قد يأخذ وقتاً، لاسيما مع التصعيد في المنطقة.

شارك المقال