“الحزب”… من إجماع على المقاومة الى وصمه بالارهاب

محمد شمس الدين
ارشيف

على الرغم من أن جميع اللبنانيين لا يريدون الحرب، إلا أنها قد تحصل وفق تطورات الميدان، ولا سيما بعد اغتيال شخصيات وازنة في محور المقاومة في لبنان وسوريا، علماً أن الجميع متفق حتى اللحظة على أن الحرب دخلت مرحلتها الثالثة، التي تعتمد على عمليات أكثر دقة.

وقسّم “حزب الله” اللبنانيين على خلفية شنه عمليات “مساندة” لغزة من جنوب لبنان، بحيث يؤيده جزء كبير من الشعب من منطق أن “اسرائيل كيان مجرم عدو ويجب مساندة فلسطين”، بينما يهاجمه جزء كبير أيضاً من منطلق أن “الحزب يجر لبنان إلى حرب لا يتحملها ناهيك عن القرار السيادي للدولة اللبنانية الذي يصادره”.

إلا أن الأمور لم تكن دوماً هكذا، اذ كان “حزب الله” يتمتع بدعم غالبية اللبنانيين، بل كان هناك شبه إجماع على “المقاومة”، أما اليوم فيوصم الحزب بالارهاب.

لم يكن “حزب الله” مدرجاً على لوائح الارهاب حتى العام 2001 بعد هجمات 11 أيلول في نيويورك، ليس لعلاقته بها، إنما لاستشراس الادارة الأميركية في حينه ضد أي كيانات تهددها أو تهدد مصالحها في العالم. وقد استندت الولايات المتحدة آنذاك إلى اتهام الحزب بتفجير مقر “المارينز” في بيروت عام 1983، بالاضافة الى تفجير السفارة الأميركية، وأدرجت 3 أسماء من عناصره على لائحة المطلوبين للعدالة الأميركية، ووضعت مكافأة لأي معلومات يمكن أن توصل إليهم، وهم عماد مغنية، حسن عز الدين وعلي عطوي. واتهمت مغنية بكونه الرأس المدبر لتفجير “المارينز”، وبعملية خطف طائرة TWA عام 1984، بينما اتهمت عز الدين وعطوي بالمشاركة في خطف الطائرة.

وطلبت الولايات المتحدة في حينه من لبنان الرسمي أن يجمّد أرصدة “حزب الله” وتسليم مغنية، إلا أن رئيس الحكومة آنذاك الرئيس الشهيد رفيق الحريري أعلن باسم لبنان أن مغنية ليس موجوداً على الأراضي اللبنانية، بينما رفض تجميد أرصدة الحزب، وقال: “إن بيروت تصر على موقفها الذي يفرّق بين الارهابيين والمقاتلين من أجل الحرية”.

وقد تسبب هذا الرفض في أزمة للبنان مع الولايات المتحدة، الأمر الذي دفع الرئيس الحريري إلى تحريك علاقاته الديبلوماسية الواسعة، من أجل تجاوزها، لا سيما أن لبنان كان لا يزال يعاني من التبعات الاقتصادية للحرب الأهلية، بحيث أن تمويل إعادة الاعمار أدى الى تزايد ضخم للدين العام، وكذلك كان البلد في ذلك الوقت يعاني من ركود اقتصادي والقيادات السياسية تجهد للتعامل معه.

ولم يكن الحريري وحده من يقف بظهر الحزب في ذلك الوقت، اذ كان هناك شبه إجماع فعلي من القوى اللبنانية على رفض الضغوط الأميركية، ودعم الحزب، الذي كان خارجاً من نصر عربي نادر على اسرائيل، بعد تحرير الأراضي المحتلة جنوب لبنان، وقد استطاع لبنان تجاوز القطوع مع الأميركيين في تلك الفترة بقدرة الجهد الديبلوماسي، لا سيما للرئيس الحريري.

أما اليوم، فالحزب لا يتمتع بالاجماع الذي كان يحظى به، بل ان نصف البلد على الأقل يعارضه، والبعض يعتبره قوة محتلة، وذلك على خلفية الأحداث التي حصلت منذ العام 2005 حتى اليوم، بحيث اتهم الحزب وسوريا باغتيال الرئيس الحريري، وسرى الاتهام على كل الاغتيالات السياسية لقوى 14 أذار، وانقسم البلد عمودياً، وخسر الحزب الكثير من شعبيته، وما زاد في هذه الخسارة دخوله الحرب في سوريا إلى جانب النظام، ما اعتبرت في حينه حرباً شيعية على السنة.

اليوم، وبعد انخراط الحزب في معركة “طوفان الأقصى” لمساندة حركة “حماس”، لا يزال البعض كـ “القوات اللبنانية” و”الكتائب” وغيرهما يهاجمه بشراسة، بينما لوحظ انخفاض مستوى الهجوم السني عليه، اذ يعتبر السنة أنه على الرغم من كل مأخذهم على الحزب هناك عدو أكبر هو اسرائيل، يرتكب المجازر بحق اخوتهم الفلسطينيين، وهذا لا يعني أنهم رضوا عن الحزب أو سامحوه، بل لا يزالون يطالبون بأن يكون قرار السلم والحرب بيد الدولة، إلا أن الجو السني العام هو نقد تحت مبدأ الدولة فقط، أما القوى الأخرى فلا تزال في سيمفونية وصم الحزب بالارهاب، بل قد تجد من بينها من يهلل لمقتل عناصره أو اغتيالهم.

شارك المقال