مصير القرار 1701 (2)… مفاعيله بين التنفيذ والتعديل

زياد سامي عيتاني

منذ بدء الحرب المفتوحة على غزة، وما أعقبها من توتر متصاعد في جنوب لبنان، ظل لبنان الرسمي يشدد على التزام بلاده بتطبيق قرار مجلس الأمن 1701 الذي يؤكد بسط سيطرة السلطات اللبنانية على جميع أراضيها، فالقرار ينص على إبعاد الوجود المسلح جنوب لبنان. وجدد رئيس مجلس النواب نبيه بري التأكيد على إلتزام لبنان بالشرعية الدولية وقراراتها ذات الصلة، لا سيما منها القرار 1701، فيما قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي: “نحن طلاب سلام لا دعاة حرب”. لكن مع التطورات العسكرية بين إسرائيل و”حزب الله”، فإن الوجود العسكري للحزب أمر تقتضيه تلك التطورات الميدانية على أرض الواقع بسبب هجمات إسرائيل وخروقها، علماً أنها في المقابل لم تلتزم يوماً بالقرار 1701، فمنذ 17 عاماً وهي تخرقه وسط صمت المجتع الدولي ومجلس الأمن تحديداً.

جوهر القرار الأممي 1701 ينص على وقف الأعمال القتالية وانسحاب القوات الاسرائيلية من لبنان، ونشر قوة إضافية للأمم المتحدة مهمتها مراقبة وقف الأعمال الحربية بالتنسيق مع الجيش اللبناني، كذلك نص القرار على إيجاد منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني، والتي تُعرف بمنطقة جنوب الليطاني على أن تكون خالية من أيّ مسلّحين ومعدات حربية وأسلحة، عدا تلك التابعة للجيش اللبناني وقوات “اليونيفيل”. في الآونة الأخيرة ومع تصاعد العمليات العسكرية على الحدود اللبنانية – الفلسطينية، توعد وزير الأمن الاسرائيلي يوآف غالانت، بإبعاد “حزب الله” إلى ما وراء نهر الليطاني جنوب لبنان، سواء بترتيب سياسي دولي أو بتحرك عسكري إستناداً إلى القرار الأممي 1701، ما أدخل التسوية الدولية في معادلة التوتر الراهنة، بجوار الحرب الشاملة.

وسط هذه الأجواء، تشير الأوساط المتابعة إلى أن واشنطن فوّضت باريس لعب دور على مستوى تطبيق القرار 1701 كاملاً، وإبعاد “حزب الله” الى ما بعد نهر الليطاني، وذلك مقابل تسوية للنقاط الحدودية العالقة جنوباً، وإنسحاب إسرائيلي من تلال كفرشوبا ومزارعها، ومن بلدة الغجر، إضافة إلى توسيع مهام “اليونيفيل”، كأن تنتشر قوات فرنسية مع الجيش اللبناني وصولاً إلى الليطاني، مقابل انتشار قوات أميركية في الجانب الاسرائيلي، بما يؤدي إلى وقف النزاع العسكري بين البلدين.

وتكشف الأوساط عن إقتراب دخول لبنان في تفاوض مفصل، في ما يتعلق بكيفية تطبيق القرار الأممي 1701، وذلك وفق مسارين: الأول، هو وقف المواجهات وإرساء التهدئة جنوباً، ربطاً بمسار الترسيم البري، الذي اقترحه المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، فيما الثاني هو المسار السياسي، وفقاً للتصور الأميركي، والمتعلق بالحديث عن انسحاب إسرائيل من النقاط الـ 13 المتنازع عليها مع لبنان. إلا أن مصادر “حزب الله” تؤكد أن إنسحاب الحزب الى ما وراء نهر الليطاني هو كلام يروّج لتحصيل أمور معنوية تتعلق بإسرائيل، كما أن تطبيق القرار 1701 في ظل حالة التصعيد الحالية هو أمر غير واقعي، وسيبقى المشهد في جنوب لبنان والقرار 1701 كما هو، حتى إنتهاء حرب غزة وهدوء الأوضاع في جنوب لبنان، ومن ثم سيُعطى الضوء الأخضر للبدء بتسوية شاملة وبوضع النقاط على بنود القرار 1701. وحتى ذلك الوقت سيبقى المشهد في جنوب لبنان وشمال إسرائيل كما هو، حتى إتضاح الرؤية السياسية والعسكرية حيال المشاهد القادمة.

وسط حركة الموفدين الديبلوماسيين التي يشهدها لبنان، وإزاء التطورات العسكرية سواء في غزة أو في جنوب لبنان، تبرز تساؤلات جدية بشأن القرار 1701 ومصيره، وما إذا كانت مفاعيله ما زالت قابلة للتنفيذ، أم أن الواقع المستجد وما سوف تؤول إليه التطورات بات يتطلب تعديلاً لهذا القرار، أو إصدار قرار أممي جديد؟

إقرأ الجزء الأول:

شارك المقال