ايران وإعادة تقويم الاستراتيجية الاقليمية

حسناء بو حرفوش

أعادت إيران تقويم استراتيجيتها الاقليمية بعد هجوم “حماس” على إسرائيل، وفقاً لمقال في موقع صحيفة “لوموند” الفرنسية. وحسب المقال، “كشفت موجة الاغتيالات التي نفذتها إسرائيل والولايات المتحدة ضد كوادر محور المقاومة منذ نهاية كانون الأول الماضي والضربات الأميركية البريطانية ضد الحوثيين في اليمن، هشاشة موقف طهران التي كانت تحاول لعب ورقة التهدئة الاقليمية. وابتعدت إيران، في أقل من أربع وعشرين ساعة، عن الاستراتيجية الحذرة التي اتبعتها منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، والحرب التي اندلعت في قطاع غزة. وفي 15 و16 كانون الثاني، شن النظام سلسلة من الضربات في سوريا والعراق وباكستان. أما الهدف من الصواريخ الباليستية التي أطلقتها إيران، رداً على الهجمات على أراضيها وضد حلفائها في الشرق الأوسط، فهو استعراض القوة. ومثلت الضربات في نظر الخبراء، رهاناً محفوفاً بالمخاطر وعكست سوء تقدير بحيث تسببت في أزمة ديبلوماسية مع إسلام أباد وبرد فعل رسمي على أراضيها في 18 كانون الثاني، فضلاً عن احتجاجات قوية من بغداد.

ومنذ 7 تشرين الأول، سمحت طهران لحلفائها في محور المقاومة بفتح جبهات منسقة في لبنان وسوريا والعراق واليمن، دعماً لحركة حماس الفلسطينية، في حين سيطرت على اللعبة الديبلوماسية. ودعا مبعوثوها إلى إنهاء الحرب في غزة ووقف التصعيد الاقليمي. يحلل علي فايز الخبير في مجموعة الأزمات الدولية ذلك، معتبراً أن الهدف الإيراني الأول بعد 7 أكتوبر لم يكن الوقوع في ما اعتبرته فخاً إسرائيلياً، وهو المواجهة المباشرة معهم ومع الولايات المتحدة، ولكن إثناء إسرائيل عن توسيع مجال الحرب.

ولذلك، فإن الاستراتيجية التي تبنتها إيران كانت نتيجة التجربة والخطأ، وليس حسابات مدروسة منذ فترة طويلة. ويؤكد المتخصص في الشأن الإيراني أن إيران فوجئت في 7 تشرين الأول، بحدث حطم حساباتها الاستراتيجية السابقة. وتلعب طهران ورقة الاسترضاء الاقليمي منذ آذار 2023 وانطلاق مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة للحصول على رفع جزئي للعقوبات الأميركية. ويوضح علي فايز أن إيران والولايات المتحدة تعتزمان العودة إلى طاولة المفاوضات النووية في منتصف تشرين الأول.

مستوى جديد من الردع

وتحاول إيران في السياق الاستراتيجي وفقاً للخبير، تحقيق مستوى جديد من الردع مع إسرائيل، في ظل إمكان شن هجوم متعدد الجبهات، من مرتفعات الجولان وغزة ولبنان والضفة الغربية. لكن الاختبار الذي أجري في نيسان 2023 أظهر أن اثنتين من الجبهات أي الضفة الغربية والجولان غير جاهزتين بعد. وقد أدى الهجوم الذي نفذته حماس في 7 تشرين الأول الى تعطيل هذا المشروع. وتطابق الشعار الاستباقي لوحدة الجبهات مع واقع علاقات القوة وحسابات المخاطر. وأضاءت الجبهات في لبنان والعراق واليمن باسم الأعمال الانتقامية، في حين بقيت الجبهات في سوريا والضفة الغربية في حالة من السبات.

وكانت إيران قد شنت عدداً من الهجمات الصاروخية هذا الأسبوع استهدفت مواقع في العراق وسوريا وباكستان بالتوازي مع خوض جماعات مسلحة تدعمها طهران، معارك ضد المصالح الأميركية والغربية ورفع حدة التوتر على الجبهات مع إسرائيل ما يؤجج القلق من توسع رقعة الصراع في منطقة الشرق الأوسط”.

شارك المقال