“مدرسة المشاغبين” في يومها الثاني… “قصقص ورق وساويهم موازنة”

آية المصري
آية المصري

من يتابع مجريات الجلسة التشريعية المنعقدة في مجلس النواب في يومها الثاني يظن نفسه يشاهد مسرحية “مدرسة المشاغبين”، فكل يغني على ليلاه، والعفة وتبرئة النفس كانتا عنوان كل كلمة ألقاها النواب، ليتبين أن لا أحد له علاقة بكل الأزمات التي تحيط بالبلاد والواقعة بصورة مباشرة على رأس هذا الشعب الذي أعطاهم الثقة وانتخبهم من جديد.

كلمات كثيرة واعتراضات واتهامات بالطائفية، وتهجم على بعضهم البعض، عناوين تختصر أبرز مواقف الجلسة، فلا تشريع للموازنة عام 2024 انما تسجيل مواقف ونقاط، واسترسال في المداخلات لا يمكن وصفها وتجاوز للوقت المطلوب. وبعد يومين متواصلين من الحضور وتسجيل الملاحظات المطلوبة، لم تقر الموازنة كما كان متوقعاً ليس لأنها تضر بمصلحة الشعب اللبناني انما لأن كثرة طلبات الكلام أخرت جدول أعمالها حتى اليوم الجمعة، ومن البديهي أنه سيجري إقرارها اليوم طالما أن نصابها مؤمن.

واللافت في هذه الجلسة حضور الرئيس سعد الحريري الوجداني، بحيث توجه اليه عضو تكتل “لبنان القوي” النائب آلان عون بالقول: “لو كنت موجوداً اليوم لكانت المعادلة اختلفت كثيراً، شجاعة الحريري في فتح الثغرات، اشتقنالك”.

كلام عون أثار موجة واسعة من التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا الكلام ليس جديداً ولا غريباً خصوصاً أن الرئيس الحريري حاضر في نفوس الخصوم قبل الحلفاء، فالجميع يستذكر ما قدمه من مبادرات وخير الى هذا البلد فضلاً عن حكمته في حل الخلافات والملفات.

ورأى عون في كلمته أن الحكومة “بدل ما تكحلا عميتا في هذه الموازنة، وهذا منطق قصقص ورق وساويهم موازنة”.

وكان بعض النواب صريحاً جداً لناحية أن هذه الموازنة بشكلها الحالي وضعت بسرعة ويجب ردها من حيث أتت لأنها لا تفي بالغرض.

اما بالنسبة الى كتلة “الكتائب اللبنانية” فأكد نائبها سليم الصايغ أنه لن يصوّت على هذه الموازنة.

اذاً، وبينما كان نواب كتل الأحزاب وبعض المستقلين والتغييريين يؤكدون أن هذه الموازنة لا تفي بالغرض المطلوب خصوصاً وأنها من دون قطع حساب وهي غير دستورية ويجب التخفيف من حدة الضرائب غير المباشرة الموضوعة، رأى البعض الآخر أن لجنة المال والموازنة أنقذت الاستقرار في البلاد في الوقت المطلوب، ومع كل هذا لم يغب عن بال النواب ومطالبهم ضرورة الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، بحيث أشادت غالبية الكتل بهذه الضرورة القصوى، معتبرة أن التعطيل من الداخل هو جريمة ترتكب بحق الوطن وشعبه. وقد غفل نواب هذه الأمة عن أنهم مؤتمنون على انهاء الشغور الرئاسي وهم من يعرقلونه نتيجة خلافاتهم المتكررة وعدم الاتفاق على مرشح توافقي مقبول من الجميع.

هذه الجلسة التشريعية لم تصبح بعد تشريعية بكل ما للكلمة من معنى نتيجة المزايدات التي اعتادتها الطبقة الحاكمة، فبدلاً من “تمريك” الكلام، يتوجب العمل على انهاء ما يجب العمل عليه، وصحيح أن غالبية النواب ترفض موازنة 2024 باعتبارها كارثية، لكنها ضمنياً تعلم جيداً أن لا مفر منها، لذلك تحاول اظهار نفسها بمظهر البطل أمام الكاميرات والاعلام، وفي نهاية اليوم الجمعة من الواضح أن هذه الموازنة ستُقر كما هي.

شارك المقال