معارك عنيفة في غزة تسابق محادثات “بناءة” حول هدنة محتملة

لبنان الكبير

واصلت إسرائيل اليوم الاثنين قصفها العنيف على مناطق مختلفة من قطاع غزة المحاصر حيث قتل 140 شخصاً منذ الأحد، وفق وزارة الصحة التابعة لـ”حماس”، في وقت تجري محادثات في باريس حول هدنة محتملة يتم بموجبها إطلاق الرهائن الاسرائيليين، وقد وصفها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ “البناءة”، غداة مقتل ثلاثة جنود أميركيين في هجوم استهدف قاعدة لهم في منطقة حدودية أردنية الأحد ما شكّل فصلاً جديداً من فصول التصعيد في المنطقة.

على الأرض، أعلنت وزارة الصحة مقتل 140 شخصاً على الأقل في غارات ليلية على خان يونس في جنوب قطاع غزة وعلى مدينة غزة في الشمال ومناطق أخرى في القطاع، وبين القتلى 20 فرداً من عائلة واحدة.

وأعلن الجيش الاسرائيلي من جهته أنّ جنوده، بدعم من الدبابات، “تصدّوا لعشرات الارهابيين المسلّحين وقتلوهم خلال معارك في وسط غزة” حيث عُثر على كميات كبيرة من الأسلحة.

وفي خان يونس التي يقول المسؤولون الاسرائيليون إنها تؤوي قادة حركة “حماس”، نفّذت القوات الاسرائيلية مداهمات لـ”أهداف إرهابية وعثرت على أسلحة ومعدّات عسكرية داخل مقر إقامة إرهابيي حماس”، وفق الجيش الاسرائيلي.

ودار قتال عنيف الأحد حول مستشفيي “ناصر” و”الأمل” اللذين يعملان بصورة جزئية فقط ويؤويان آلاف النازحين الفارين من القصف والمعارك.

وبحسب الأمم المتحدة، يتكدّس أكثر من 1,3 مليون فلسطيني في مدينة رفح في أقصى جنوب القطاع، ويعيشون في ظروف شديدة الصعوبة قرب الحدود المغلقة مع مصر. وزادت قساوة الطقس من هذه الصعوبات، فغرقت خيم نازحين في الوحول والمياه.

في إسرائيل، طالب متظاهرون الأحد بعدم السماح بوصول المساعدات إلى غزة حتى يتم إطلاق سراح الرهائن، ومنعوا دخول شاحنات المساعدات الانسانية عبر معبر كرم أبو سالم قرب رفح.

وانضم عدد من الوزراء الاسرائيليين من اليمين المتطرّف الأحد إلى آلاف الإسرائيليين الذين تظاهروا في القدس للمطالبة بإعادة بناء المستوطنات في قطاع غزة.

الخلاف حول “الأونروا”

في هذا الوقت، يستمر الخلاف بين الدولة العبرية ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في التفاعل، ويهدّد عمل الوكالة والمساعدات الحيوية التي تقدّمها للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية المحتلّة ودول أخرى، وذلك بعد اتهام موظفين في “الأونروا” بالتورّط في هجوم “حماس” على الأراضي الاسرائيلية في السابع من تشرين الأول.

وأعلنت دول مانحة رئيسية لـ “الأونروا” أنها ستعلّق موقتاً تمويلها الحالي أو المقبل جراء هذه الاتهامات، بينها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وألمانيا وسويسرا وفرنسا.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام لمنظمة الصحة العالمية الدول المانحة إلى ضمان استمرار المساعدات. فيما طالب الاتحاد الأوروبي الاثنين بتدقيق “عاجل” في عمل “الأونروا” إثر “مزاعم في غاية الخطورة”.

الجنود الأميركيون 

وللمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، قُتل ثلاثة جنود أميركيين في هجوم بطائرة مسيّرة على قاعدة عسكرية أميركية في الأردن قرب الحدود مع العراق وسوريا. واتهم الرئيس الأميركي جو بايدن فصائل مدعومة من إيران بتنفيذه. 

وأعلنت واشنطن عن مقتل ثلاثة جنود وجرح 34 آخرين على الأقل في الهجوم الذي طال مبنى “تاور 22” في شمال شرق الأردن والذي يعتبر امتداداً لقاعدة الركبان العسكرية الأميركية الواقعة في جنوب سوريا.

وكانت “المقاومة الاسلامية في العراق” المؤلفة من فصائل مدعومة من إيران، تبنّت هجمات “بواسطة الطائرات المسيّرة” استهدفت قواعد الشدادي والركبان والتنف في سوريا، مشيرة الى أن الهجمات تأتي في إطار مقاومة “الاحتلال الأميركي في العراق والمنطقة”، و”رد على مجازر” إسرائيل في غزة. ونفت طهران أن يكون لها أي ضلع في الهجوم.

وقال بايدن خلال زيارته ولاية ساوث كارولاينا: “سنحاسب كلّ المسؤولين، متى وكيفما نشاء”.

محادثات باريس

في باريس، التقى مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) وليام بيرنز الأحد مسؤولين من إسرائيل ومصر بالاضافة إلى رئيس الوزراء القطري. وتتناول المحادثات التي تجري بعيداً عن الأضواء إمكان التوصل الى هدنة جديدة في الحرب.

وتحدّث مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي عن محادثات “بنّاءة”. وقال في بيان إنه “لا يزال ثمة خلافات” بين الأطراف، لافتاً إلى أن الأطراف المعنية “ستواصل مباحثاتها هذا الأسبوع في اجتماعات أخرى”.

وأكد مصدر أمني لوكالة “فرانس برس” أنّ الرئيس الأميركي كلّف بيرنز السعي الى التفاوض على إطلاق آخر الرهائن الاسرائيليين الذين تحتجزهم “حماس” مقابل وقف لإطلاق النار.

وأوردت صحيفة “نيويورك تايمز” أنّ الاتفاق المقترح يتضمّن هدنة لشهرين وإطلاق سراح جميع الرهائن، بالاضافة إلى الافراج عن أسرى فلسطينيين في سجون إسرائيل.

وكانت قطر ومصر والولايات المتحدة توسطت في هدنة طبّقت في نهاية تشرين الثاني وأفرج خلالها عن أكثر من مئة من حوالي 250 رهينة خطفوا في إسرائيل خلال هجوم 7 تشرين الأول، وعن معتقلين فلسطينيين من النساء والقصّر من السجون الاسرائيلية. كما عّلق القتال لأسبوع وأدخلت مساعدات إلى غزة. ووفق السلطات الاسرائيلية، لا يزال 132 رهينة محتجزين في قطاع غزة، يعتقد أن 28 منهم لقوا حتفهم.

شارك المقال