موازنة ٢٠٢٤ هل تقضي حاجة المرحلة الاقتصادية؟

ندى الحوت
ندى الحوت

لا يمكن القول عموماً ان موازنة العام ٢٠٢٤ تقضي حاجة المرحلة الاقتصادية في لبنان، اذ تعتمد على تقديرات مبالغ فيها للايرادات، خصوصاً من الضرائب، كما أنها لا تأخذ في الاعتبار الاحتياجات الفعلية للقطاعات الاقتصادية المختلفة. فما هي الفجوات والثغرات في الموازنة؟

من أهمها ما يلي:

  • تقديرات الايرادات الضريبية مبالغ فيها كثيراً، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
  • عدم أخذ الاحتياجات الفعلية للقطاعات الاقتصادية المختلفة في الاعتبار، بحيث تركز الموازنة على الإنفاق الجاري وخصوصاً الأجور وملحقاتها، من دون الاهتمام بالقطاعات الانتاجية التي لا يمكن بدونها توسيع الكعكة الاقتصادية.
  • البنية التحتية العامة باتت شديدة الترهل من البنية التحتية المادية الى تلك الرقمية وهي تحتاج إلى انفاق استثماري واسع، والى رؤية جديدة بمفهوم الشراكة مع المجتمع ومع القطاع الخاص لتمويلها والمشاركة في إنجازها، وهذا يحتاج الى قوانين وارادات واصلاحات لا نرى ما يشبهها لا في الورشة التشريعية ولا في الموازنة.
  • عدم الأخذ في الاعتبار شروط صندوق النقد الدولي، بحيث تتضمن الموازنة بعض الاجراءات التي تتعارض مع شروط صندوق النقد الدولي، مثل زيادة النفقات الجارية وعدم شمول الموازنة لأعباء الدين المتراكمة كما لدور الدولة في تحمل عبء الأزمة ومن أية موارد.

الموازنة لا تستجيب لمطالب المرحلة ومطالب صندوق النقد الدولي وشروطه بالاصلاح الاقتصادي والمالي، فهي لا تتضمن أي إجراءات حقيقية للاصلاح الاقتصادي والمالي، بل تعتمد على إجراءات تقليدية ومؤقتة. إنها استعادة نمطية لمفهوم الترقيع والتجميل. في أي حال لم تقل لجنة المال والموازنة عكس ذلك بل أدخلت تعديلات لاضفاء نوع من العقلانية على الموازنة بدل أن تردها الى الحكومة حيث كان من الممكن اقرارها كما كانت وبكل السوء الذي حملته.

لا يمكن انتاج موازنة صحية من دون السيطرة على الجباية والتهرب الضريبي. فالجباية هي المصدر الرئيسي للايرادات العامة، ومن دون السيطرة على الجباية والتهرب الضريبي، سيكون من الصعب تحقيق التوازن في الموازنة. انه الدوران في الحلقة المفرغة التي تزيد العبء على المنتجين في مصلحة تمويل الفساد والترهل الاداري.

ان العقل الذي يدير الانفاق العام بحاجة الى مصالحة مع مفاهيم الإنفاق والجباية للتحول من موازنة من أجل مراكز النفوذ الى موازنة من أجل الاقتصاد، وهذه المصالحة لم تحصل بعد على الرغم من أن سبب الأزمة أصلاً هو عدم ادراك هذه الحقيقة الكبرى.

ويمكن القول عموماً ان موازنة العام ٢٠٢٤ هي موازنة غير واقعية وغير قابلة للتطبيق، ولا تلبي احتياجات الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة في لبنان.

شارك المقال