التمسك بفرنجية ليس وحده يؤخر ملء الشغور الرئاسي

زياد سامي عيتاني

إستهلت اللجنة الخماسية عقب إجتماعها في دارة السفير السعودي وليد بخاري، لقاءاتها السياسية مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، لطرح ما توصلوا إليه من قواسم مشتركة لمقاربتهم الملف الرئاسي. وعلى الرغم من أن هذا الحراك هو تمهيد لاجتماع “الخماسية” على مستوى مندوبيها، فإن أوساطاً مواكبة تتحدث عن عناوين عريضة لصفقة متكاملة، يعطي فيها “حزب الله” تنازلاً عسكرياً في الجنوب، ويأخذ مقابله مكتسباً سياسياً في الداخل، علماً أن هذه الفكرة سبق أن حاول المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان ومن خلفه الرئيس ايمانويل ماكرون تسويقها، لكن الحزب لم يوافق عليها، لأنه على الأرجح لم يجد الثمن كافياً ليقدم هذا التنازل الكبير في الجنوب، فضلاً عن أن الحزب لا يميل إلى إعطاء هذه الورقة لفرنسا لموقفها غير المتزن من حرب غزة.

“حزب الله” بالطبع يرفض مثل هذه المعادلة، ويربطها من جهة بوقف إطلاق النار في غزة، ومن جهة أخرى بتثبيت الحدود اللبنانية وإزالة الخروق الاسرائيلية كمدخل للبحث في القرار 1701 وبصورة كاملة. فالحزب يرغب في أن يكون رئيس الجمهورية مطمئناً له سياسياً، ولكن في المقابل، هناك أمور لا تشجعه على جعل مسألة الرئاسة جزءاً من صفقة إقليمية – دولية. والحزب يدرك تماماً منذ الشغور الرئاسي أنه يمسك بمفاصل السلطة وقرارها، لذلك ليس هناك ما يجعله مضطراً لتقديم تنازلات مقابل وصول رئيس إلى قصر بعبدا، حتى لو كان مرشحه سليمان فرنجية، خصوصاً وأنه واثق بأن من غير الممكن أساساً انتخاب رئيس جمهورية لا يقبل به.

في كل مناسبة يكرر “حزب الله” تأكيده أن سليمان فرنجية مرشحه، ولا تراجع عن هذا الترشيح مهما حصل. كما يعتقد الحزب وحلفاؤه أن انتخاب رئيس للجمهورية يفترض أن يتم ضمن صفقة سياسية متكاملة داخلياً، تشمل التفاهم على الحكومة ورئيسها وبرنامجها. بناءً عليه، لن يتراجع “حزب الله” ومن خلفه إيران، عن طرحه الأساسي في ما يتعلق بوقف النار وإبرام أي اتفاق في الجنوب، وهو وقف الحرب في غزة وبقاء حركة “حماس في القطاع”.

وحتى اليوم، ليست هناك مؤشرات على تحقيق هذا الهدف، لذلك، فإن حظوظ فشل المهمة الجديدة التي باشرتها اللجنة الخماسية أكبر من حظوظ نجاحها، وقد تنتهي في الداخل إلى الحد من الاندفاعات العمياء نحو حرب لا يريدها أحد: لا الادارة الأميركية ولا الحلفاء الأوروبيون ولا العرب، لكن طرفي المواجهة إسرائيل و”حزب الله” قد ينجران إليها رغماً عنهما في لحظة غير محسوبة.

شارك المقال