الأزمة اللبنانية… بين الحل الشامل والموضعي والانتخابات المبكرة

محمد شمس الدين

اشكالية الاستحقاق الرئاسي ليست وليدة اليوم، بل هي منذ الاستقلال عام 1943 تشكل تحدياً للبنان والقوى والأطياف فيه، ولكنها لم تصل إلى الحد الذي وصلت اليه في الاستحقاقين الأخيرين، بحيث شل الفراغ البلد، ولعل هذه المرة هي الأصعب، كونها تتزامن مع الأزمة الاقتصادية والمالية التي قد تكون الأكبر في التاريخ، بالاضافة إلى غياب مكون أساسي عن التركيبة اللبنانية، تيار “المستقبل”، الذي يمثل الغالبية السنية، في ظل تعليق الرئيس سعد الحريري العمل السياسي.

في هذا السياق، تحاول الدول الصديقة للبنان، وتحديداً السعودية في اطار اللجنة الخماسية الدولية، تحقيق خرق ما في الجمود الذي يعيشه البلد، انطلاقاً من رئاسة الجمهورية، ولكن حتى الآن لا جديد في الأمر، إلا أن العديد من القوى السياسية ترى أن هناك بوادر حل قريبة، منها من يراه اقليمياً ينعكس داخلياً، ومنها من يراه تسوية على صعيد صغير.

في الاجمال ترى القوى السياسية سيناريوهين للحل، إما حل على صعيد لبنان فقط، رئيس جمهورية ورئيس حكومة وحكومة، لتقطيع المرحلة إلى حين انقشاع المشهد في الاقليم، ومواصفات الرئيس هنا هي: أن يكون منسجماً مع الحكومة ولا يعطل عملها كما فعل الرئيس السابق ميشال عون، يجري الاصلاحات، لا يتطرق إلى سلاح “حزب الله” ولا يقوم بتصفية الحسابات.

أما السيناريو الثاني، فهو أن الحل لا يمكن أن يكون موضعياً بل شامل، وسيكون بمواكبة اقليمية ودولية، ولا تقتصر المسألة على الرئاسة، بل تشمل كل الملفات اللبنانية، من سلاح “حزب الله”، إلى تطوير النظام، بشكل أن لا يتعرض للتعطيل في المستقبل، مهما كانت التحديات، ولكن هذا الأمر قد يأخذ وقتاً، ليس إلى ما بعد حرب غزة وحسب، بل سيكون ضمن انعكاسات الاتفاق السعودي – الايراني، الذي قد تكون حرب غزة أجلت تنفيذ مندرجاته كلها.

عدا هذين السيناريوهين يرى البعض أن الحل الشامل سيأخذ وقتاً طويلاً، وعلى الأرجح أن لبنان لا يحتمل كل هذه المدة، والحل الموضعي لا يبدو أن له أفقاً في ظل توزع القوى السياسية كما هي في المجلس النيابي والتي تستطيع أن تعرقل عمل بعضها البعض، فترى أن سيناريو انتخابات نيابية مبكرة وارد، كونه قد ينتج مجلساً نيابياً يعطي أغلبية وأقلية واضحتين، تستطيعان انتاج سياسة طبيعية بـ “موالاة ومعارضة”، تحكم واحدة وتعارض الأخرى.

هذا السيناريو يواجه مشكلة أساسية، هي قانون الانتخاب المعتمد، الذي إن تمت الانتخابات النيابية على أساسه فالمشهد السياسي لن يتغير كثيراً، إلا إذا عاد الرئيس سعد الحريري عن قراره بتعليق العمل السياسي، عندها يمكن أن يكون هناك مجلس نواب متزن أكثر من الموجود اليوم، وهو أصلاً أمر مهم على صعيد الشراكة والميثاقية، والمرجح أن ينقسم المجلس بوضوح بين ما كان يعرف في السابق بقوى 14 آذار و8 آذار، ويكون هناك دور مهم للمستقلين في الاستحقاقات حينها كون أصواتهم تستطيع ترجيح كفة على أخرى.

شارك المقال