المنتصر يفرض شروطه… الا في لبنان

محمد شمس الدين

القاعدة في الحروب عادة، أن المنتصر يفرض الشروط على طاولة المفاوضات، هكذا حصل عبر التاريخ، فالمنتصر يحدد ما هي المكتسبات التي يريدها، ومن يحصل عليها.

واليوم المنطقة في حالة حرب، على الرغم من أنها لا تأخذ شكل الحرب التقليدية، إلا أنها حرب حقيقية غير مباشرة بين الولايات المتحدة وايران عبر محور الممانعة واسرائيل، مع بعض التدخلات الطفيفة من الدولتين بين الحين والآخر، من غزة إلى اليمن والعراق وحتى سوريا ولبنان، ويمكن اعتبار أكثر وجوهها شراسة في غزة بين اسرائيل حليفة أميركا، و”حماس” حليفة ايران، وكذلك جبهة جنوب لبنان ربما بأقل حدة.

وبالتالي بعد هذه الحرب سيكون هناك منتصر وخاسر، الدولة العبرية أكدت أن الحرب لن تتوقف قبل القضاء على “حماس”، ومحور الممانعة اعتبر أن وقف الحرب من دون تحقيق اسرائيل أهدافها يعد انتصاراً.

وعلى أساس هذين السقفين يمكن تحديد المنتصر والمنهزم، فهل يترجم “انتصار” جهة أخرى في الواقع اللبناني؟

مصدر قريب من الممانعة أشار في حديث لموقع “لبنان الكبير” إلى أن “المقاومة لطالما فصلت بين الميدان والسياسة الداخلية، كون لبنان له وضع مميز بالأطياف المختلفة، واللعب بالتوازن فيه يؤدي الى ضرب الكيان بأكمله، وأكبر شاهد على ذلك عدم ركوب المقاومة على زخم التحرير عام 2000، ولا انتصار تموز 2006، ولا الانتصار التاريخي على الارهاب، ولم تسعَ المقاومة الى ترجمة انتصاراتها في السياسة اللبنانية بأي شكل من الأشكال، وهي اليوم تؤكد مجدداً ومراراً وتكراراً فصل الميدان في غزة والجنوب عن السياسة، وبالتالي لن تحاول فرض شروطها بانتصارها القادم حتماً”.

أوساط “القوات اللبنانية” من جهتها رأت أن “محور الممانعة دائماً يعتبر نفسه منتصراً، وهي انتصارات وهمية، لا نرى كقوات لبنانية أنه يمكن ترجمتها على أرض الواقع، وحتى اسرائيل والغرب لا يعترفان له بهذه الانتصارات، واليوم المعركة لم تنتهِ بعد، لكي نجري حسابات الربح والخسارة، لا سيما أن هناك تعلية سقف من الطرفين، اسرائيل وضعت سقف القضاء على حماس، بينما ايران راعية حماس لطالما رفعت شعارات ازالة اسرائيل من الوجود، وحسن نصر الله يتحدث عن الصلاة في القدس وتحريرها، وكل هذا لم يحصل، ما يدعو إلى الشك بمفاهيم الانتصار لدى محور الممانعة”.

أضافت الأوساط: “ننطلق الآن من فرضية توقف الحرب من دون القضاء على حماس، والمحور سيعتبر نفسه منتصراً، ولكن هل ينطبق على لبنان؟ طبعاً لا، القوات تعتبر أنه لا يمكن صرف ما يعتبره المحور انتصاراً في لبنان فالبلد وضعيته مختلفة، وهناك تعددية وتوازن قوى في المجلس النيابي لا يسمحان لأحد بالغلبة على الآخر، واذا كان القصد أن المفاوضات ممكن أن تحصل بين أميركا والغرب وحزب الله، ويتم الاتفاق على ترتيبات معينة يتسلم فيها الحزب البلد وتتم شرعنة هيمنته عليه، فهذا تعتبره القوات حلماً من الأحلام. هذا الجو ليس موجوداً، والمطلوب تطبيق القرار 1701 اليوم وغداً بل بالأمس، وهذا مطلب اسرائيلي، ومهما كان شكل المقايضات، ولو كانت أميركا هي المعنية ربما كان هناك خوف من هذا السيناريو، ولكن الاسرائيليين مستحيل أن يقبلوا بها”.

وشددت الأوساط على أن “القوات غير معنية بما تريده اسرائيل ولا أميركا، نحن معنيون بأنفسنا، بتطبيق الدستور والقرارات الدولية منها الـ 1701، وانتخاب رئيس كما يجب بدورات متتالية، من دون الحوار الذي يطرحه الرئيس نبيه بري وحزب الله، انما عبر حوارات ثنائية تصل إلى الهدف المنشود”.

يبدو أن لبنان هو الاستثناء لقاعدة المنتصر يفرض شروطه، ربما هي تحسن شروط البعض ولكنه مجبر على التنازل في السياسة الداخلية، لأن البلد قائم على توازنات شبيهة بأعمدة دعم أسس البناء، وأي اختلال فيها قد يهدد المبنى كله بالسقوط على رؤوس ساكنيه.

شارك المقال