هل يتكرر 1992… تسوية إقليمية والحريري للإعمار؟

رواند بو ضرغم

لم تجد الساحة السنية عوضاً عن سعد الحريري، ولم تعثر القوى السياسية على بديل وطني ورجل تسويات، قد يضحي بنفسه ومصلحته دفعاً بلبنان نحو الاستقرار، فنبذ الفتنة السنية – الشيعية، ووضع حداً للفراغ في الموقع المسيحي الأول، واستثمر في إرث الرئيس الشهيد رفيق الحريري وحدةً وطنية وسلماً أهلياً وانفتاحاً دولياً.

اعتقد البعض أنهم أخرجوه من الحياة السياسية one way ticket، فتراجعت شعبيتهم بينما تضاعفت محبة جمهوره وبقي في وجدانهم وتمسكوا بزعامته، كما أقر الحلفاء والخصوم بقيمته الوطنية وقدرته على حفظ التوازنات وينتظرون عودته.

اعتكف الرئيس سعد الحريري ولكنه لم يستقل، وسيعود الى الحياة السياسية بإرادة محبيه وبإرادته الشخصية، متى وجد أنه قادر على انتشال لبنان من أزماته وإحداث خرق في الاستعصاء السياسي. صوابية قرار الاعتكاف تترسخ أمام مشهد المجلس النيابي المعطل بفعل المزايدات المسيحية وعدم قدرته على اتخاذ أي قرار، لولا حنكة الرئيس نبيه بري في تمرير الموازنة والتمديد لقائد الجيش.

وفيما يستعد الجمهور الأزرق لاستقبال زعيمه في ذكرى اغتيال “والده” الشهيد رفيق الحريري، تعمل دول العالم على إنضاج تسوية إقليمية قوامها الاعتراف بدولة فلسطينية. تسوية تنعكس استقراراً على الدول الاقليمية من سوريا الى العراق فاليمن والبحر الأحمر، وسيتأثر حتماً الداخل اللبناني نتيجة سير الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله باتجاه الحلول الاقليمية التي تضمن تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة وتوجيهه إشارة الى الأميركيين بالانفتاح على التفاوض. ومتى أصبحت التسوية نافذة، تبدأ عملية إعادة ترتيب البيت الداخلي لاستعادة العجلة الاقتصادية والانتظام السياسي والمؤسساتي وإنهاض لبنان، وهذا ما يتطلب شخصية تحظى بالقبول العربي والدولي وتكتنز قاعدة شعبية واسعة، وهذه الصفات متوافرة في الرئيس سعد الحريري، تماماً كما توافرت في والده الشهيد رفيق الحريري عام 1992 الذي ترأس الحكومة حينذاك ضمن تسوية إقليمية مكّنته من إعادة بناء لبنان، والعبور به من ويلات الحرب الأهلية الى الاستقرار والاعمار.

بات الرئيس سعد الحريري على مسافة خطوات من عودته الى نشاطه السياسي وموقع القرار، ويعود الفضل الى جمهوره الذي يحفظ إرث الرئيس الشهيد ووصيته، ولا يتردد في تلبية نداء الرئيس الابن الذي يحرص في كل عام على أن يزور الضريح وسط بحر مستقبلي أزرق، للتأكيد أنه على العهد والوعد، مهما كانت الظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية. وفي مشهد الحشود من الأوفياء، رسالة الى الداخل والخارج بأن موقع سعد الحريري محفوظ وأنه باقٍ على قيد الحياة السياسية ولن تقوى عليه جهنم ولن ينتصر الحاقدون.

شارك المقال