تعددت الاحتمالات… و”الأستاذ” واحد!

ياسين شبلي
ياسين شبلي

فجأة أعلنت حركة “أمل” على لسان رئيسها، رئيس مجلس النواب نبيه بري أنها أمام “حزب الله” في المواجهة مع إسرائيل في جنوب لبنان، وجاء الاعلان ممهوراً بالدم عبر إستشهاد خمسة مقاومين في قريتي بليدا وبيت ليف الحدوديتين. المفاجأة لم تكن في الاعلان بحد ذاته، فالجميع يعرف أن حركة “أمل” حركة مقاوِمَة بل علَّة وجودها في الأساس كانت مقاومة العدوان الاسرائيلي على الجنوب، بل كانت المفاجأة في التوقيت لا سيما وأنه أتى بعد عدة تطورات داخلية وإقليمية بدءاً بإعادة تشغيل “موتورات” اللجنة الخماسية وإجتماعها بالرئيس بري، وصولاً إلى الحركة الديبلوماسية الغربية بإتجاه المنطقة ومن ضمنها لبنان، وليس إنتهاءً بالتطورات العسكرية سواء في غزة أو الجنوب أو الضربات الأميركية ضد الأذرع الايرانية في المنطقة.

من المعروف عن الرئيس نبيه بري حنكته السياسية وجديته، بمعنى أنه لا يرمي الكلام جزافاً خصوصاً في القضايا الحساسة والمصيرية، وهي صفات يعترف له بها الخصم قبل الصديق، لذلك لا يمكن المرور على كلامه – وهو من هو – مرور الكرام من دون محاولة “التبصير” لمعرفة خلفيات هذا التوقيت ودواعيه.

يرى بعض المراقبين أن هناك عدة إحتمالات وراء إعلان الرئيس بري المفاجئ، الأول هو التأكيد على “لبنانية” المعركة في الجنوب في مواجهة محاولات إسرائيل إظهارها للغرب والرأي العام العالمي على أنها تقتصر على “حزب الله” فقط من ضمن الصراع مع إيران، خصوصاً في ظل الهجمة الأميركية على الأذرع الإيرانية في كل من العراق وسوريا واليمن، وهو بذلك يكون قد أمَّن غطاءً لبنانياً للحزب إنطلاقاً من موقعه الرسمي. الاحتمال الثاني أن يكون الاعلان جزءاً من المعركة الديبلوماسية الدائرة في محاولة للضغط لتحصيل أكبر قدر من “المكاسب” للبنان مقابل ما يطالب به الغرب من تنفيذ القرار 1701 كاملاً عشية الهدنة في غزة. الاحتمال الثالث أن يكون رداً على محاولات إسرائيل تأليب اللبنانيين ضد “حزب الله” عبر التهديدات اليومية لقادة العدو بتدمير لبنان وإعادته الى العصر الحجري في حال إندلعت الحرب، وذلك عبر تأمين غطاء شعبي شيعي وجنوبي تحديداً للحزب. فيما يتساءل البعض الآخر ولماذا لا تكون هذه الاحتمالات مجتمعة؟ فكلها إحتمالات وجيهة يمكن الركون إليها في ظل الكباش الاقليمي والدولي حول غزة وما بعد غزة بالنسبة الى وضع المنطقة ولبنان من ضمنها، ومن المفيد التحرك في كل الاتجاهات والرئيس بري خير من تحرَّك في هذه الظروف.

يبقى هناك إحتمال يسوقه بعض “الخبثاء” الذين لا يكنُّون الود عادة للرئيس بري، وهو أن الأمر لا يعدو كونه “إستعراضاً” من ضمن الصراع السياسي داخل “البيئة” الشيعية، وأن الرئيس بري يحاول “إستلحاق” نفسه أمام هذه البيئة التي لا ترى في المواجهة سوى “حزب الله”، ليقول: أنا هنا، ولتكون له حصة فيما لو كان في الأمر أي صفقة سياسية يمكن أن يكون لها مردود داخلي.

لا ندَّعي القدرة على تحليل كل هذه الاحتمالات، لكن الأكيد أن وراء إعلان الرئيس بري ما وراءه، وهو الذي يمثِّل قِبلة الموفدين الأجانب والعرب من وزير خارجية بريطانيا ديفيد كاميرون، إلى وزير خارجية فرنسا ستيفان سيغورنيه، فضلاً عن اللجنة الخماسية بما تُمثِّل من ثقل ديبلوماسي وسياسي وتأثير في تطورات الأحداث في لبنان، وكذلك جان ايف لودريان وآموس هوكشتاين اللذان باتا يعتبران من “أهل البيت السياسي” اللبناني.

ولا يفوت أي مراقب اللفتة التي أولاها الرئيس نبيه بري تجاه الرئيس سعد الحريري في ذكرى 14 شباط والحديث عن عودته إلى بيروت، فهل بدأ العد العكسي لتسوية ما تخرج من تداعيات “طوفان الأقصى”، كما خرجت التسوية عام 1991 من تداعيات “عاصفة الصحراء”؟ لندع الأيام أو الأسابيع المقبلة تعطينا الخبر اليقين.

شارك المقال