سعد الحريري في أول رئاسة حكومة… الانسانية طغت على السياسة

محمد شمس الدين

عاد الرئيس سعد الحريري إلى بيروت، وكان مشهد دخوله السراي الحكومي محط اهتمام اللبنانيين، بين متمنٍ أن يعود رئيساً للحكومة، ومتخوف من أن يفقد موقعه الذي حصل عليه بسبب غياب الحريرية. وبعيداً عن السياسة، وعن رغبة شعبية عارمة بعودته، هناك شق اداري في رئاسة الحكومة، فكيف تعامل الحريري في أصعب مرحلة مرّ بها البلد كرئيس حكومة لأول مرة؟

وزير الصحة السابق محمد جواد خليفة رأى في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “الرئيس سعد الحريري لا يمكن مقارنته بالقوى السياسية الكبرى التي تمترست في العمل السياسي وشكلت هيكلية منذ عهد الميليشيات حتى دخولها عالم السياسة لسنوات طوال، لقد كان طيباً جداً، ويتجنب المواجهة، ويتحمل كثيراً، وعندما يطرح بنوداً، كان يفضل عدم الدخول في مشادات كلامية”، مذكراً بأن “البلد كان يمر في مرحلة صعبة جداً في ذلك الوقت، وعلى الرغم من كل ما تعرض له كان يحاول إبعاد الشخصانية عن عمله في الحكومة، ولا أذكر مرة أنه كان هناك انعكاس سلبي داخل الحكومة، فلم يملك منطق التحدي، بل كان يجمع، ولا يميز، وإذا كانت هناك مشكلة في منطقة ما لا ينظر إلى الطائفة أو المذهب”.

ولفت خليفة إلى أن الرئيس سعد الحريري كان “انسانياً جداً، وأذكر عندما حصلت حادثة الطائرة الأثيوبية دمعت عيناه، وشعر أنه مسؤول ويجب عليه إدارة أزمة”.

واعتبر أن الرئيس الحريري ظلم، “تقاطعات دولية واقليمية كبرى، وانقسام في البلد وبدء بوادر الربيع العربي، كان في وسط دوامة كل ذلك، وهذه أزمات لا تحل في البلد، بل اقليمياً ودولياً، وقد تصرف بكل عقلانية ومسؤولية وطنية، لا سيما أنه لا يقبل بتحمل مسؤولية دم، علماً أن الطريق الأسهل في السياسة هو طريق الفتنة، وليس عدلاً أن هذه التركيبة السياسية باقية في البلد بينما هو مستثنى منها، إن كان بقرار منه شخصياً، أو الثورة التي حمّلته المسؤولية وحده ووقفت عنده فقط”.

وقال خليفة: “لولا أن للحريري ارتباطات اقليمية لما كان علق عمله السياسي، فهو مشروع وطني داخلي بامتياز، وأكثر ما أذكره هو انسانيته، عندما كانت تأتينا حالات انسانية صعبة، وكيف كان يتأثر بها، ويجهد لمساعدتها، وأذكر أن الرئيس نبيه بري وجهني لأكون متعاوناً معه الى أقصى الدرجات، وفعلاً حصل ذلك”.

واستذكر الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي “كان يعرفني كطبيب، وكنا نتحدث عن مجالي، وكنت أتمشى مرة في الداون تاون فاستوقفني، وأًصر على دعوتي، وكان يحب البوظة الله يرحمه، ولاحقاً طلب رأيي في المسشتفى الحكومي الذي سمّي باسمه بعد استشهاده، وطلب مني زيارته، واتصل بمديره وأخبره عن قدومي، وبعدها ترشحت للنقابة وفزت، وقال لي: ما بصير بدنا نجيبك لهون، لم أفهم ما قصده حينها، وكنت مستعجلاً لأن لدي عمليات في المستشفى، وعلمت لاحقاً أنه طرح اسمي كوزير للصحة، وهو الموقع التي تسلمته في عهد نجله”.

خصوم أو حلفاء، الكل يتحدثون عن شخصية الرئيس سعد الحريري المحببة، حتى لو اختلفوا معه، وبعد سنتين من تعليقه العمل السياسي، أصبح الجميع يطالب بعودته، حتى من شنَّ عليه الحملات قبل اعتكافه، بل حتى من أشد خصومه، كلهم يرون أن البلد بحاجة إلى اعادة التوازن.

شارك المقال