حياة الرهائن الاسرائيليين ليست في حسابات نتنياهو

محمد شمس الدين

تستمر الحرب في غزة على الرغم من كل الضغوط الدولية، وتنوي اسرائيل اقتحام منطقة رفح آخر مناطق القطاع المحاصر التي نزح اليها نحو مليون ونصف المليون فلسطيني، كما يتوعد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتيناهو بنبرة عالية وبمنطق التحدي، فيما اتهمه أهالي الأسرى الاسرائيليين بالتخلي عن أبنائهم، فيما هدد عضو مجلس الحرب الاسرائيلي بيني غانتس بأن الحرب في غزة ستمتد إلى رفح إذا لم تستعد إسرائيل الرهائن بحلول شهر رمضان، الذي يحل قبيل منتصف الشهر المقبل. ويعتقد غانتس ووزير الدفاع يوآف غالانت بحسب وسائل إعلام اسرائيلية أن لا بد من دخول الجيش رفح إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن المحتجزين بحلول رمضان.

منطق القوة هذا ليس جديداً في العالم، إذ ان الولايات المتحدة الأميركية تجاهر دوماً برفضها التفاوض مع “الارهاب” إلا أنها لطالما كسرت هذه القاعدة عشرات بل مئات المرات، ويذكر التاريخ عدداً من الحوادث في عدة دول رفضت فيها الدولة التفاوض لاطلاق رهائن، واستعملت منطق القوة، وفي غالبية المرات أدى الأمر الى مأساة، ولعل أشهرها كانت أزمة رهائن مسرح موسكو، عندما اقتحم نحو 40 مسلحاً ينتمون الى جمهورية الشيشان إشكيريا مسرح موسكو المزدحم في 23 تشرين الأول 2002 واحتجزوا 850 رهينة، وطالبوا بانسحاب القوات الروسية من الشيشان، وإنهاء الحرب الشيشانية الثانية.

رفضت القوات الروسية حينها التفاوض، وأنذرت المسلحين وطالبتهم بالاستسلام، وخلال المدة المحددة التي أعطتهم اياها تم تحرير بضعة رهائن بمبادرات منظمات دولية. وحاولت هذه القوات تنفيذ عمليات “نوعية”، إلا أنها باءت بالفشل، لتقرر السلطة الروسية نشر غاز في المسرح الأمر الذي أدى الى مقتل 139 رهينة بالاضافة إلى 39 من المسلحين.

ولم تكن المرة الأخيرة التي تستخدم فيها موسكو القوة لتحرير رهائن، ففي العام 2004، احتجزت مجموعة شيشانية من أكثر من 30 عنصراً مسلحاً في مدرسة بسلان في روسيا، نحو 1100 شخص، ورفضت موسكو التفاوض مجدداً واقتحمت القوات الروسية المدرسة، بعد 3 أيام من الحصار، باستخدام الدبابات والأسلحة الثقيلة، الأمر الذي أسفر عن مقتل 320 من الرهائن بينهم 186 طفلاً.

ويبدو أن نتنياهو اليوم يفضل مستقبله السياسي على حياة الرهائن من أبناء بلده، ويسير بمنطق القوة نفسه الذي سارت فيه روسيا، ما ينذر بكارثة انسانية بحق فلسطين، ونهاية حياة الرهائن الاسرائيليين لدى “حماس”.

وهذا المنطق بدأت بملاحظته الدول العربية، وأعلن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أمس، أن الحكومة الاسرائيلية لا تريد إنجاز صفقة تبادل المحتجَزين ولا تريد انتهاء الحرب على قطاع غزة.

وبدأ أهالي الأسرى المحتجزين لدى “حماس” باتهام نتنياهو بأنه يستغل منصبه لمكاسب سياسية، ويفرّط في قضية الأسرى. وصرّح حفيد أحد الأسرى دانئيل ليفشتس خلال مظاهرة أمام وزارة الدفاع ليلة السبت – الأحد بأن “رئيس حكومتنا سمح لنفسه بعقد مؤتمر صحافي في وقت مظاهرتنا نفسه لأنه لا يسمعنا. لا يريد أن يسمعنا. طلبنا مقابلته منذ 8 أيام ورفض. لسنا في حساباته. لا يفكر بنا وبمعاناتنا. نحن نتلظى حرقة على أبنائنا المخطوفين وهو يتحدث عن انتصار من دونهم وينشغل بمصادر تمويل المتظاهرين”.

شارك المقال