غياب الجمعيات عن الجنوب… تنفيذ لأجندات مموليها

محمد شمس الدين

يعيش أهل الجنوب واقعاً صعباً بسبب الحرب الدائرة بين المقاومة واسرائيل، نزوح وتهجير، منازل دمرت بالكامل، أعمال مغلقة، أطفال من دون تعليم، أزمة انسانية بكل معنى الكلمة يعيشها أهالي المناطق الحدودية، وكذلك الجنوبيون الذين يتعرضون للضغط اقتصادياً ومعيشياً بسبب النازحين من الحدود.

وعادة ما تكون الجمعيات المدنية والدولية حاضرة في أزمات كهذه، ولعل أزمة اللجوء السوري، أو انفجار مرفأ بيروت أكبر دليل على زحمة الجمعيات التي تقدم المساعدات، إلا أن حضورها في الجنوب اليوم خجول، ولا تفسير لهذا الغياب.

الجنوبيون يرون عموماً أن الأمر سياسي، اذ ان معظم هذه الجمعيات ممول من المجتمع الغربي، ويعادي المقاومة، بل ان أهدافه من العمل في مناطق البيئة الحاضنة أيام السلم هو جمع المعلومات لمموليه الذين يشاركونها مع العدو الاسرائيلي.

بعض العقلانيين يعزون الأمر إلى قدرة “حزب الله” العالية على تأمين مستلزمات بيئته، أو لأن الحزب مصنف ارهابياً وتخاف الجمعيات من التعامل معه ما قد يتسبب لها بمشكلات مع مموليها أو المنظمات الدولية.

المستشارة والأستاذة في الاعلام والاتصالات د. سالي حمود، أشارت في حديث لموقع “لبنان الكبير” إلى “أننا نعلم أن الجمعيات هي أدوات للحكومات التي تمولها، ومن خلال عملها على الأرض تستطيع أن تخرق المجتمعات، وتجمع المعلومات لمانحيها”.

أما عن منطقة الجنوب، فأكدت حمود أنها وفق الأمم المتحدة مقسمة إلى منطقتين جنوب الليطاني وشمال الليطاني، “في الجنوب من الصعب جداً وجود الجمعيات، ولا يمكن لكل البرامج أن تكون موجودة فيها، ليس بسبب حكم حزب الله وحسب، بل بحكم وضع هذه المنطقة كونها منطقة نزاعات. أما في شمال الليطاني، فهناك العديد من الجمعيات وهي تعمل في مناطقها في صور والنبطية وغيرهما، ولكن عملها أقل من مناطق أخرى في لبنان، وطبعاً هناك تأثير للحزب على عملها، وكذلك هناك تخوين من الأهالي الذين يتهمون الجمعيات بالعمالة، البعض يخوّن عن وعي والبعض الآخر عن غير وعي”.

ومن ناحية تصنيف الحزب ارهابياً، أوضحت حمود أن ليس كل الدول تصنفه هكذا، “مثلاً هناك دول وجمعياتها معتدلة في تعاملها مع الحزب، كسويسرا واليابان، وحتى us-aid أجرت مشاريع في مناطق نفوذ حزب الله وبالتنسيق معه، ولذلك الأمر نسبي وفقاً للأجندات السياسية”.

ورأت أن المشكلة ليست في الجمعيات وحسب بل حتى في الدولة، التي لديها وزارة شؤون اجتماعية “غائبة عن المشهد، وذلك بسبب عدم كفاءة الوزير أو حتى الموظفين، وهناك عدم فهم لأرضية العمل الانساني والاجتماعي، وعدم فهم لربطها بالطبيعة السياسية للبلد، ولا تقوم بدورها من ناحية الوعي الجماعي، بحيث يبدو الجنوب بالنسبة الى جزء من الشعب وكأنه ليس من لبنان، ومن هنا تجد تعاطفاً أقل مع الشعب الجنوبي”، معتبرة “أننا نعيش في دولة هشة جداً، ونحن بحاجة إلى حكومة ظل، أو جهات تنفيذية لها علاقة بصنع السياسات أو المساعدات أو نشر الوعي، والجمعيات لها دور ايجابي كبير في هذا الأمر، لأننا دولة ضعيفة والوعي لدينا متأخر”.

في المقابل، رفضت رئيسة جمعية “فيمايل” حياة مرشد التعميم على كل الجمعيات، لافتة إلى أن هناك العديد منها تعمل في الجنوب اليوم وتقدم المساعدة، ومن ضمنها جمعية “فيمايل” التي تعنى باحتياجات النساء، ولكنها لا تنكر أن مقابلها العديد من الجمعيات التي تعمل وفق أجندات سياسية وهي ليست في الصورة الجنوبية اليوم. وشددت على أن “ليس من المفترض من منظمة مدنية أو جمعية حقوقية أن يكون لديها تفرقة بين المناطق أو الناس أو الفئات، بالعكس يجب أن تنشط أكثر عند الحاجة، ولا يجب أن تكون طرفاً”.

ورأت مرشد أن وقت الكوارث والحرب يحتاج الى جهات مختلفة، ليس أحزاباً وجمعيات ودولة وإعلاماً، لأن وقتاً كهذا ليس “وقت تصفية حسابات وأجندات سياسية، وحتى لو كان حزب الله يستطيع التكفل ببيئته، لن يكون باستطاعته تحمل العبء الكبير هذا وحده”، قائلة: “نحن كجمعية مختصة بدعم النساء لا نمتلك التمويل لاعادة إعمار أو ما شابه، نقوم بكل ما باستطاعتنا، ونقدم المستلزمات الصحية النسائية، والدعم النفسي، ولدينا مكتب في النبطية، والمتطوعات لدينا يقمن بمبادرات لجمع التبرعات لنساء الجنوب”.

شارك المقال