الأبراج البريطانية على الحدود اللبنانية – السورية… بين التجسس ومكافحة الارهاب

محمد شمس الدين

أرسلت الدولة السورية رسالة إلى الدولة اللبنانية عبر وزارتي خارجية البلدين، تتعلق بالأبراج العسكرية على الحدود الشرقية والشمالية، والتي يبلغ عددها نحو 39 برجاً، بنتها الدولة البريطانية لمساعدة الجيش اللبناني على مكافحة الارهاب والتهريب على الحدود. ورأت سوريا أن هذه الأبراج تهدد أمنها القومي، بحيث تجمع المعلومات من العمق السوري، وتنقلها بريطانيا الى العدو الاسرائيلي. فما قصة هذه الأبراج؟

عام 2009 بدأ الجيش اللبناني تشكيل فوج الحدود البرية الأول، ومهمّته الأساسية مكافحة التهريب على الحدود بين لبنان وسوريا في منطقة الشمال، ومقرّه شدرا، في تنفيذ للقرار 1701.

وفي العام 2011، بدأ تشكيل فوج الحدود البريّة الثاني، ومقرّه رأس بعلبك، لضبط حركة التهريب في الحدود الشمالية الشرقية.

وكذلك جرى تشكيل فوج الحدود البرية الثالث ومقرّه أبلح، وينتشر بين شمال منطقة المصنع وجنوبها، وصولاً إلى راشيا.

وفي العام 2015 أعلن السفير البريطاني في لبنان هيوغر شورتر عن نية بريطانيا دعم الجيش بـ 10 ملايين دولار، لتشكيل فوج الحدود البرية الرابع.

سبق ذلك عام 2012 إحضار بريطانيا قبب الأبراج الثلاثة الأولى، وهي مخلفات القوات البريطانية في ايرلندا الشمالية، والتي كانت تستخدم لمنع تسلل مقاتلي “الجيش الجمهوري الايرلندي” عبر تلك الحدود، بينما بوشر بتصنيع الأبراج الأخرى في لبنان بإشراف بريطاني.

في العام 2013 زار وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط هيو روبرستون لبنان، للاطلاع على بناء 12 برج مراقبة وتجهيزها والاتصال بالأقمار الاصطناعية، وصرّح حينها بأن أجهزة الأمن الاستخباراتي التي تعمل في المنطقة كاسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا تستطيع أن تراقب تحركات “حزب الله” وامداداته العسكرية على الحدود.

ووفق الاعلام البريطاني تمكن أحد هذه الأبراج من حماية مجموعة من جنود الجيش اللبناني، حوصرت في اجتياح التنظيمات الارهابية لبلدة عرسال عام 2014، حتى وصول الدعم إليها.

وتتحدث الديبلوماسية البريطانية عن الدور الايجابي الذي لعبته هذه الأبراج في معركة “فجر الجرود” وطرد مسلحي التنظيمات الارهابية من الجرود اللبنانية، بالاضافة الى دورها في بسط سيطرة الدولة اللبنانية على حدودها مع سوريا.

وترى بريطانيا أن هذه التجربة ناجحة جداً، ما دفعها الى تقديم عرض بنقلها إلى الحدود الجنوبية مع اسرائيل، بعد أن تصاعد التوتر والقصف المتبادل بين لبنان واسرائيل اثر عملية “طوفان الأقصى”، إلا أن الاقتراح لاقى رفضاً من لبنان، لا سيما من “حزب الله”، الذي اعتبر أن هذه الأبراج لن تستخدم ضد اسرائيل، بل في التجسس على الداخل اللبناني فقط. وكانت وسائل الاعلام القريبة من الحزب شنت حملات عديدة ضد الأبراج، واعتبرت أنها تستخدم للتجسس على القوات السورية وعناصر التنظيمات التابعة لمحور المقاومة، وتقدم هذه المعلومات للعدو الاسرائيلي. ويرى من يدورون في فلك “المحور” أن أبراج المراقبة البريطانية توفر ما لا تستطيع الطائرات من دون طيار توفيره وتعويض النقاط العمياء لاسرائيل. ونقلت إحدى وسائل الاعلام القريبة من “المحور” منذ سنتين عن قيادي فيه قوله: “اليوم الذي تصبح فيه أبراج المراقبة هذه تشكل تهديداً خطيراً، لن يكون تحييدها مهمة صعبة”.

لا شك في أن الموضوع سيشكل تحدياً لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي هي أًصلاً ليست حكومة مكتملة الصلاحيات، في ظل الفراغ الرئاسي، وسيؤدي الأمر إلى انقسام في الآراء بين المحورين في لبنان، “السيادة” و”الممانعة”، وهذه الرسالة في توقيتها لها هدف من سوريا وحلفائها، قد يكون ورقة على طاولة المفاوضات القادمة، أو أمراً آخر من المؤكد أن معالمه ستظهر لاحقاً.

شارك المقال