الاعتدال المطلوب

لينا دوغان
لينا دوغان

شكل تعليق سعد الحريري للعمل السياسي وخروجه من المشهد اللبناني منذ سنتين، مفاجأة للجميع خصوصاً لجمهوره الذي تبين له لاحقاً أن ما قام به الحريري في ظل ما يجري في لبنان والمنطقة، خطوة كانت مهمة لا بل ضرورية في مثل هذه الظروف، لكن الأحداث الأخيرة في المنطقة من حرب غزة الى التوتر والتصعيد اللذين يشهدهما جنوب لبنان، أعادت الى الواجهة الحديث عن أهمية عودة شخصية كسعد الحريري الى لبنان، لا سيما أن الحلول في المنطقة ولبنان من ضمنها ستكون في إطار سلة متكاملة.

لم يعد خافياً على أحد تقول مصادر خاصة لـ “لبنان الكبير”، أن الجانب الروسي لم يكن مقتنعاً بتعليق سعد الحريري العمل السياسي، وبالتالي لم يكن من المؤيدين لهذه الخطوة، لذا يُعتبر، أي الجانب الروسي، من الداعمين لعودة الحريري، وموقف موسكو في هذا الاطار يأتي في سياق متناسق تماماً مع موقف بعض الدول الخليجية الأخرى المؤثرة في القرار السياسي اللبناني.

يضيف المصدر في معلوماته لـ “لبنان الكبير”: “كل المباحثات التي كانت تجريها موسكو مع الأطراف كافة من الدول العربية عند طرح أزمة لبنان، تتطرق الى ضرورة عودة الحريري حتى يكون هناك توازن على الساحة الوطنية، كما ترى أن دوره أساسي على صعيد حل الأزمة الداخلية في لبنان، لما يحمله من أفكار حول حلول متعلقة بالتسوية المحلية ومرتبطة بالتسوية المرتقبة في المنطقة ككل”.

الجانب الروسي الذي أرسل دعوة الى الحريري لزيارة موسكو، يرى أيضاً ودائماً بحسب المصدر، أن الحوار بين اللبنانيين لا بد منه من دون أي تدخلات خارجية لطرح كل الأمور العالقة، لذا يعلقون أهمية على عودة الحريري للوصول الى حل يرضي كل الأطراف.

نقطة التوازن التي تتحدث عنها موسكو، وتحققها عودة سعد الحريري، تتمحور حول خشية الجميع وخوفهم خصوصاً بعد غزة، من ذهاب الطائفة السنية باتجاه التطرف، والرئيس الحريري يُعد رمز الاعتدال كما أثبتت الحريرية السياسية مع رفيق الحريري الذي لعب دوراً كبيراً في إبقاء الاعتدال والحفاظ عليه ليس في لبنان وحسب، بل في المنطقة، وهذا النهج الذي يسير سعد الحريري على خطاه هو المطلوب في هذه المرحلة.

كما يؤكد المصدر، أن هناك علاقات تاريخية تربط القيادة الروسية برفيق الحريري وأيضاً سعد الحريري، ومن هنا هم مصرون على عودته، فغياب الحريري برأيهم أحدث فراغاً في الساحة السياسية لاحدى الطوائف، بحيث لم يستطع أحد من الزعماء والقيادات السياسية ملء الفراغ ولعب الدور الفاعل الذي كان منوطاً بالحريري.

وعن تطورات غزة وما يمكن أن يترتب عليها من أحداث في المنطقة، يقول المصدر: “إن موسكو حريصة جداً على عدم توسعة الحرب، وهي على تواصل مستمر مع القوى المؤثرة وبالتحديد إيران وإسرائيل، كما ترى أن لبنان وسوريا يمران بأزمة اقتصادية خطيرة، وتوسيع الحرب كارثي على هاتين الدولتين”.

عاد سعد الحريري الى لبنان في الذكرى ١٩ لاغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكانت هذه العودة وما جرى من أحاديث في الكواليس وعلى العلن حولها، حدثاً مهماً بكل ما حملته، خصوصاً أن الكثيرين عوّلوا على كلام سيقوله الحريري في هذه المناسبة، لكنه فضّل شكر جمهوره والمخلصين، واكتفى بما قلّ ودلّ “كل شي بوقته حلو” وهو العارف أكثر من كل المحللين والمتوقعين، متى هو الوقت لقول كل شيء، وهو الذي أرسل الى كثيرين رسائل من دون أن يتلفظ بأية كلمة.

شارك المقال