خطر الذكاء الاصطناعي في صنع السياسات… فتن وتأجيج صراعات

محمد شمس الدين

نشر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قبل يومين منشورين عبر حسابه على “انستغرام” سخر فيهما من خصمه الرئيس جو بايدن، الأول كان فيديو معدلاً بالذكاء الاصطناعي لبايدن بصحبة زوجته، وهما يدخلان داراً لرعاية المسنين، في إشارة إلى عمر الرئيس الأميركي وهفواته التي بدا فيها ضائعاً أو خرفاً. أما المنشور الثاني فكان صورة لبايدن مع كلبه يرتدي فيه الرئيس طوق الوقاية الخاص بالكلاب، في إشارة إلى طرد الكلب على خلفية عضه عدة ضيوف.

الصور لاقت رواجاً كبيراً، وهي ضمن الحملات السياسية في ظل اشتداد حدة الانتخابات الرئاسية الأميركية.

وتدفع هذه الصور إلى التساؤل حول تأثير الذكاء الاصطناعي في الحملات السياسية وصنع السياسيات في العالم، وهو أمر لفت إليه الرئيس سعد الحريري خلال دردشة مع الصحافة في بيروت، قائلاً: “العالم يتقدّم بسرعة في الذكاء الاصطناعي وفي الطاقة البديلة أما نحن فأين موقعنا من هذا التقدّم؟”.

الخبير في التحول الرقمي وأمن المعلومات رولاند أبي نجم، أشار في حديث لموقع “لبنان الكبير” إلى أن استعمال الذكاء الاصطناعي في الحملات السياسية والانتخابات أصبح واقعاً، “وعلى الرغم من أن هناك دوراً إيجابياً له بحيث يمكن للسياسيين مثلاً أن يتابعوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي الشريحة التي يمكن أن تنتخبهم وكيف يمكنهم التأثير عليها، وتمكنهم من الوصول إلى الشريحة المستهدفة، وقد رأينا كيف أن الرئيس بايدن فتح حساباً على تيك توك، كون هناك 100 مليون أميركي على التطبيق من شريحة الشباب التي يمكن أن تنتخبه، وأراد من ذلك إظهار أنه يواكب العصر ويحكي لغتهم، الا أن الجهة السلبية هي أن معظم الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي، بل هناك مواقع اخبارية كاملة، مليئة بالمحتوى من أخبار وصور وفيديوهات أنشئت عبر الذكاء الاصطناعي، وستكون هناك صعوبة كبيرة في التمييز أن هذا المحتوى منشأة عبره وليست حقيقية”.

وقال أبي نجم: “في السابق كان يمكن التمييز أن الصور تم تعديلها عبر الفوتوشوب، أما اليوم فيجب أن تكون لدى المستخدم أدوات خاصة للكشف إن كان المحتوى تم انشاؤه عبر الذكاء الاصطناعي أم لا، فبالاضافة إلى الفايك نيوز هناك تقنية الديب فايك والتي يمكن عبرها خلق فيديو متكامل لسياسيين أو مؤثرين يتحدثون في أمور لم يحكوها”.

ورأى أن هذا هو “الخطر الكبير لتأثير الذكاء الاصطناعي على المواضيع السياسية والانتخابات، خصوصاً إذا ما تم تزييف شخصية مؤثرة أو رجل دين من مذهب معين أو طائفة ما تهاجم ديناً ثانياً أو طائفة أخرى أو عرقاً ما، فهذا يمكن أن يثير النعرات الطائفية والعرقية والدينية بصورة مقصودة لتأجيج الصراعات العرقية أو الدينية في بلد معين”.

لطالما كان الواعون في الاعلام يقولون تريثوا عند وصول خبر ما، قد يتسبب في ضجة كبيرة، إذا كان يتم تناقله عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكان يمكنهم ملاحقة أثر الخبر للتأكد من مصداقيته، أما اليوم فحتى هم سيواجهون صعوبة في ذلك، خصوصاً في بلد متعدد الأطياف كلبنان، وهي ليست متفقة بصورة كاملة في ما بينها، ما ينذر بسيناريو خطير مستقبلاً إذا ما أراد طامح ما التقدم سياسياً، بحيث يمكنه استعمال هذا التقنيات لتزييف كلام خصوم ونشره ويركب هو على موجة الرد، ما قد يتسبب في مشكلات في الشارع قبل أن يتم كشف المحتوى، فلنتخيل مثلاً أن ينشر فيديو يتم الادعاء أنه لرئيس مجلس النواب نبيه بري يشتم شخصية دينية لطائفة أخرى، أو فيديو للبطريرك الماروني بشارة الراعي يهاجم فيه الاسلام، أو مثلاً الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله يعلن فيه الحرب، كلها فيديوهات ستكون لها تبعات خطيرة بل قد تكون مدمرة، قبل أن يكتشف أنها مزيفة، وسيكون على لبنان الاستعداد لمجابهة هذا النوع من الحملات، إن كان عبر تطوير إعلامه، أو إنشاء وحدة مختصة بكشف التزييف عبر الذكاء الاصطناعي.

شارك المقال