مبادرة “الاعتدال” ترفع منسوب المزايدة بالكلام

رواند بو ضرغم

لا هيكيلة للمسعى الرئاسي الذي تقوده كتلة “الاعتدال” النيابية، لا صيغة تشاورية ولا أفكار تنظيمية ولا خطوات عملية قد تكسر “البلوكاج” السلبي بين محوري المقاومة والسيادة. الا أن المسعى إيجابي في جوهره ويهدف الى تداعي النواب نحو المجلس وكسر التباعد بين الكتل وفتح قنوات التواصل بين المتخاصمين، على قاعدة “التشاور” لا “الحوار”.

حرّك المسعى الجمود السياسي من دون شك، ولكنه لن يبدّل في مواقف الكتل الثابتة على رفض ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية من جهة، كحال النواب “المتقاطعين”، والمتمسكة بالحق الدستوري في الخروج من القاعة وبالتالي تطيير النصاب من جهة أخرى، كنواب محور المقاومة.

الثنائي المسيحي الرافض للحوار، “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، تجاوب مع مسعى الاعتدال التشاوري، وأبدى ايجابية للتلاقي في المجلس النيابي، ولم يضع أي شروط على أصحاب المبادرة كما فعلاً مع مبادرة الرئيس نبيه بري. إذ أعلن رئيس حزب “القوات” سمير جعجع موافقته على مبادرة “الاعتدال” على اعتبار أنها ستفضي الى مطالبة الرئيس بري بفتح المجلس، ولم يشترط رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الحضور بأي بحث في “المواصفات والبرنامج”.

فماذا الذي تغيّر اليوم؟

لا شيء تغير وفق مصدر قيادي في محور المقاومة، إذ قال لموقع “لبنان الكبير”: “إنها مجرد مزايدة كلامية والقوى المسيحية تهرب الى الأمام وتشتري الوقت على أمل قلب الموازين الرئاسية. الثنائي المسيحي محشور سياسياً ويبيع أصحاب المبادرة كلاماً ومواقف لا نتائج عملية منها، فبعد الضربات المتتالية التي تلقاها باسيل من قيادة الجيش مروراً بالجلسة التشريعية وإقرار الموازنة وصولاً الى رئاسة الأركان، يريد أن يبقى حاضراً وأن يظهر في صورة المحاور الساعي الى التفاهمات والتوافقات والرافض للإقصاء. أما جعجع فجاراه في الايجابية، ووافق على التشاور على الرغم من تيقّنه بأن الثنائي الشيعي لا يزال ثابتاً على مرشحه، وهو بشخصه صرّح بعد لقائه كتلة الاعتدال قائلاً: الأكيد أن محور الممانعة متمسك بفرنجية”.

وعلى الرغم من تعقيدات المشاورات اللوجيستية والاختلافات الجوهرية، يتلقف الرئيس بري أي مسعى بإيجابية لعله يصل الى حوار أو تشاور أو بحث في إسم الرئيس لاتمام الاستحقاق الدستوري. وهو ينتظر وضعه في تفاصيل التشاور، إذا كان مجرد حضور نيابي عشوائي من مختلف الكتل النيابية، فالنواب يلتقون في كل يوم ولا شيء تغير، وإذا كانت الكتل ستنتدب ممثلاً عنها للجلوس على “طاولة التشاور” لكي لا نقول “طاولة الحوار”، فالرئيس بري جاهز لانتداب من يمثل كتلة “التنمية والتحرير”، وهذا ما كان يسعى إليه أساساً من خلال مبادرته. أما إذا كان هناك من يظن أن العشوائية ستُحرج الرئيس بري وتدفعه الى قرارات لادستورية وغير واقعية فهو واهم وغير متمرس في السياسة بل من الهواة، لأن الرئيس بري لا يقع تحت مجهر الضغط ولا الاحراج. فإذا جاؤوا للحوار أو التشاور فأهلاً وسهلاً بهم، وسيعقد جلسة مفتوحة بدورات متتالية، الا أنه لا يمتلك الحق في منع النواب من اختيار مرشحهم الرئاسي أو إجبارهم على عدم استخدام حقهم الدستوري بالمقاطعة.

شارك المقال