رد لبنان على مبادرة فرنسا تشكيك بقدراتها التفاوضية

زياد سامي عيتاني

تسليم وزير الخارجية اللبناني الجواب الرسمي على المبادرة الفرنسية للسفير الفرنسي، لا يعدو كونه “رد واجب” من “باب رفع العتب”، عملاً بأصول العلاقات بين الدول وثوابتها، خصوصاً وأن لبنان تربطه تاريخياً علاقات وثيقة ومتينة مع الدولة الفرنسية. وبحسب المعلومات التي كشف عنها، فإن الرد اللبناني، إتسم بالعموميات، من خلال التأكيد على الثوابت اللبنانية، التي يتم إبلاغها الى كل الموفدين الغربيين. وهذه الثوابت تتعلق بالاستعداد الكامل لتطبيق القرار رقم 1701، على أن يتضمن هذا التطبيق حلاً شاملاً لكل الأمور الخلافية على طول الحدود، حيث يريد لبنان تطبيق القرار، ومن ضمنه الانسحاب الاسرائيلي من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، والنقاط الـ 13 المتحفظ عنها على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية المحتلة.

الرد اللبناني، الذي هو أقرب إلى ما يمكن وصفه بـ”موقف اللاموقف” جاء منسجماً مع توجهات “حزب الله”، من خلال إغفاله الربط بين المواجهات في الجنوب والحرب على غزة، وحصر الرد بالتأكيد على المخاوف والقلق من اعتداءات إسرائيل وعدم نيتها احترام سيادة لبنان، وأنها تسعى دائماً الى خرق السيادة والاعتداء على الشعب، فيما تلتزم بيروت بالقرار رقم 1701، التي لا تزال إسرائيل غير ملتزمة به، بحيث تحتل أجزاء كبيرة من الأراضي اللبنانية، ولم تنفذ أياً من بنوده.

ومرد الرد اللبناني “البارد” و”المتأخر” على المقترح الفرنسي، يؤكد أن فتح باب المفاوضات لتبريد جبهة الجنوب ليس قريباً، وليس من خلال دور الوساطة الفرنسية، لقناعة ضمنية لدى لبنان الرسمي ولدى “حزب الله”، بأن فرنسا غير قادرة على التفاوض، والكلمة الأولى والأخيرة في هذه المسألة وكل الترتيبات التي تتعلق بالقرار 1701 ومآلات الحرب في غزة بيد واشنطن فقط. فلبنان الرسمي وبالتماهي مع الحزب يشكك في قدرة فرنسا على إلزام إسرائيل بتطبيق القرار الأممي، وأن تقدم ضمانات للبنان والمجتمع الدولي بشأن الالتزامات الاسرائيلية، خصوصاً أن الأمور معقدة، ومرتبطة بالحرب على غزة، ومستقبل الشرق الأوسط.

وعليه، فإن المبادرة الفرنسية تأتي من ضمن عمليات تقطيع الوقت، بانتظار وضوح الرؤية على مستوى الإقليم، وتحديداً ما يحدث في حرب غزة ومآلاتها، وانعكاساتها على الجبهة الجنوبية، وبانتظار العرض الأميركي للمسار السياسي والأمني على طول الحدود.

شارك المقال