كذب الأميركيون ولو صدقوا

لينا دوغان
لينا دوغان

ها قد أقبل شهر رمضان على وداع عشريته الأولى، ولا يزال كلام الرئيس الأميركي جو بايدن الذي سمعه العالم عن قرب التوصل الى هدنة بحلول رمضان، تتردد أصداؤه في سماء المنطقة التي لم تنطفئ نيران صواريخها ولا طائراتها بعد.

وكانت الولايات المتحدة عرضت مشروع قرار معدل في مجلس الأمن لوقف اطلاق النار في غزة، وقتها قال الرئيس الأميركي إن المقترح بات بيد حركة “حماس الآن، بعدما وافق الاسرائيليون عليه ووصفوه بالمعقول، متوقعاً التوصل إلى اتفاق بحلول شهر رمضان.

الجانب الأميركي اعتبر أن إسرائيل تفاوضت بحسن نية من أجل التوصل الى اتفاق، داعياً حركة “حماس” إلى قبوله.

وعلى الرغم من أن الآمال تصاعدت بالتوصل الى اتفاق هدنة، الا أن المتحاورين ومعهم الداعمون لم يصلوا الى مبتغاهم، وبقيت غزة وأهلها يعيشون رمضان تحت النار، وبقي جنوب لبنان وبقاعه عرضة للنيران الاسرائيلية في كل وقت وحين، ولا ندري ما إذا كانت هناك مناطق لبنانية أخرى على لائحة الاحتلال حتى الآن، فما جرى في حراجل من سقوط لصاروخ لم ينفجر جراء التحليق المستمر فوق الأجواء اللبنانية، وما سُمع في صيدا والجوار من خرق مدوٍ لجدار الصوت، لا يبشر بالخير.

مشهدية الحرب هذه، كلها تعيش على توقعات بايدن وآماله، التي يضرب بها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو كل الوقت عرض الحائط.

اعتبرت الولايات المتحدة أنها ضغطت على جميع الأطراف لكن المعطيات تأرجحت وبقيت المواقف متباعدة بين “حماس” وإسرائيل بشأن الاتفاق، وبدأت عملية تبادل الاتهامات بين الطرفين، بعد أن تنقل المتفاوضون بين الدوحة والقاهرة، لبحث خطة من ثلاث مراحل وافق الاسرائيليون على أولاها ولم يقنعهم ثالثها وهو طلب “حماس” التي تصر الى جانب وقف إطلاق النار الدائم أيضاً على انسحاب القوات الاسرائيلية من شمال غزة بعد المرحلة الثالثة من إطلاق سراح الرهائن، وعودة السكان الى الشمال، وزيادة المساعدات للقطاع، مع ضمان أن يذهب نصفها إلى الشمال، وهذا ما لم يستسيغه الاسرائيلي الذي اعتبر أن “حماس” تجدد مساعيها من أجل مطالب أوسع، أما في الملعب الأميركي الداعم والمختلف في الوقت نفسه مع القيادة الاسرائيلية، فشعر بخيبة أمل ويرى أن الأمر يتعلق فقط بإقناع “حماس” بالتوقيع فالكرة في ملعبها.

ومع كل ما يكتب ويقال عن علاقة بايدن-نتنياهو المتأزمة والتي ليست بأفضل حالاتها، الا أن ما يجمع بين الرجلين أكثر مما يفرقهما، وهما إذ يلتقيان في الحفاظ على مستقبلهما السياسي، فإن الادارة الأميركية وعلى رأسها بايدن يمكن أن تصل الى قرار بالتخلي عن نتنياهو لكنها بالتأكيد لا يمكن أن تتخلى عن إسرائيل، وبهذا تكون واشنطن دائماً على استعداد لتقديم الدعم لها على حساب غزة حين تقف وترفض وقفاً فورياً لإطلاق النار، لأن ذلك برأيها يخدم مصلحة “حماس”.

واشنطن والتي على لسان بايدن وغيره من إدارته، تصر على عملية إنزال المساعدات الجوية الى سكان قطاع غزة، تحداها نتنياهو مصراً على اجتياح رفح وفي هذه النقطة يرد وزير خارجيته على بايدن ليقول: “إن واشنطن تدعم أهداف إسرائيل في الحرب على غزة وسيستمر تحالفها مع تل أبيب”.

هل الكلام الاسرائيلي تلاعب على بايدن، أم أن ما قالته النائب الأميركي عن مساعدات الأخير لغزة بجملة: “ما معنى إنزال المساعدات على غزة ونحن أكبر ممول لإسرائيل عسكرياً؟”، تختصر كل شيء؟ سؤال الوحيدة القادرة على الاجابة عنه هي واشنطن، وبالتحديد بايدن الذي يبدو أنه يكذب على الفرقاء العرب في عملية وقوفه المزيفة مع الشعب الفلسطيني، ويناور مع نتنياهو ليكسب في حساباته السياسية.

شارك المقال