سيناريو المنطقة العازلة أحد شروط التفاوض على وقف النار جنوباً!

فاطمة البسام

أكثر من خمسة أشهر والمنطقة تتخبط في أمواج “طوفان الأقصى” الذي بات يجرف كل محاولات التهدئة ومساعي وقف إطلاق النار، كون “حزب الله” ربط الجبهة الجنوبية أو كما يسميها “جبهة الإسناد” بحرب غزّة، بحسب تصريحات الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله، أكثر من مرّة.

ولأن نوايا الجيش الاسرائيلي لا تزال ضبابية ومتقلّبة في ما يتعلّق بغزو لبنان عن طريق البر، إلاّ أن هذا لم يمنعه من تمشيط المنطقة والقرى الحدودية على طول الخط الأزرق.

في بداية الاشتباكات، سعى العدو جاهداً الى حرق الأحراج قبالة الحدود والمستوطنات، من خلال إستعماله المكثّف للقنابل الفوسفورية، والخراطيم المثقوبة التي تضخ مواد مشتعلة عثر عليها الجيش اللبناني قبالة بلدة رامية الجنوبية، بهدف إزالة كل المعوقات التي تعزل العدو عن الرؤية، بالاضافة إلى الحدّ من حركة المقاتلين، ومنع أي حركة تسلل إلى الداخل المحتل، وكأنه يصنع حزاماً عازلاً يحتمي به.

ولم يقتصر الأمر على الأشجار فحسب، بل قامت الطائرات والمسيرات المعادية بصناعة جبال من الركام، في مختلف القطاعات الجنوبية، من مارون الراس وصولاً إلى أطراف الناقورة على هيئة حزام من الباطون.

والسؤال: ما هي مساعي اسرائيل وراء هذا التدمير الذي تخطى المشهدية التي رأيناها في حرب تموز؟

يستبعد العميد المتقاعد أمين حطيط، مساعي الاسرائيلي لتدمير القرى الملاصقة للحدود، من خلال إعتماده أسلوباً ممنهجاً، بحسب ما يقول لموقع “لبنان الكبير”، مشيراً إلى أن هناك 14 قرية حدودية، لم يدمّر منها إلاّ عدداً محدوداً لا يشكّل مؤشراً على تدمير البلدات كلياً.

ويوضح حطيط، أن الاسرائيلي يستهدف المنازل المحاذية للحدود، وميدانياً لا يفسّر بمحاولة قيام منطقة عازلة. والمنطقة العازلة تعني تدمير القرى على عمق 5 كيلومترات، أي تدمير 14 قرية يسكنها 80 ألف نسمة، وهذا الأمر لا يمكن الاستهانة به. أما إذا أراد أن يتوغّل بعمق 7 كيلومترات، فهذا يعني أن عليه القضاء على 18 قرية من ضمنها بلدة بنت جبيل. وهنا يطرح السؤال التالي: “هل تتخيلين بنت جبيل كلّها مدمرة؟”، فالعدو لا يجرؤ على كسر معادلة الردع.

ويعتبر أن الأمور في الجبهة الجنوبية لا تزال مضبوطة، ولا شيء يدل على أنه ستكون هناك مناورة برّية، واحتمالات الحرب المفتوحة غير واردة الآن، إلاّ أننا مرتبطون بجبهة غزّة.

أما العميد خالد حمادة فيرى أن العدو كشف عن نواياه منذ بداية الحرب بإقامة منطقة عازلة في الجنوب، وهذا ما أكدته تصريحات المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين أثناء زياراته لبيروت في الأشهر الأولى لاندلاع الصراع في غزة.

ويقول لـ “لبنان الكبير”: “المنطقة العازلة أصبحت أمراً واقعاً، لا نستطيع نكرانه بسبب التهجير القسري للسكان وتعذر عودتهم، والدمار الفادح الذي يلف المنطقة الجنوبية على الرغم من كل ادعاءات حزب الله بتحقيق نوع من التوازن مع العدو واحتفاظه بقدرة الردع.هذا بالاضافة إلى تطور الاشتباكات التي تجاوزت الجنوب لتشمل مناطق نفوذ حزب الله في البقاع وقضاء جزين بما يستنسخ مشهد الضربات الاسرائيلية في العمق السوري”.

ويؤكد حمادة أن “حزب الله يقع تحت ضغط طهران وبالتالي هو غير قادر على التصعيد وتوسيع الحرب وهذا ما يؤكده الميدان. ومن جهة اخرى تؤكد واشنطن وتل أبيب عدم ارتباط غزة بالجنوب اللبناني وهذا يعني أن أي وقف اطلاق نار مؤقت أو دائم في غزة وأية ترتيبات أمنية لن تنعكس على لبنان بل ستفسح المجال لمزيد من توسعة الحرب وارتفاع وتيرة العنف على الساحة اللبنانية، بل ان واشنطن تسعى للتوصل إلى ترتيبات نهائية مع لبنان وطي ملف استقرار الحدود مع إسرائيل، وهذا ما أكدته التصريحات التي أدلى بها المبعوث الأميركي لدى زيارته الأخيرة الى بيروت بالاضافة إلى تحذيره من خروج الوضع القائم عن السيطرة”.

ويحذر حمادة من أن “لبنان يقع في دائرة الخطر وسيكون عرضة لتطورات خطيرة سيصبح معها سيناريو المنطقة العازلة أمراً واقعاً وربما أحد شروط التفاوض النهائي على وقف إطلاق نار في الجنوب”.

شارك المقال