الكلام عن الـ ١٧٠١ والعين عالـ ١٥٥٩

رواند بو ضرغم

يغيب القرار الدولي ٤٢٥ عن أذهان الأطراف اللبنانية، ممن تطالب “حزب الله” باحترام القرارين ١٥٥٩ و١٧٠١. وعند كل منعطف أمني ومواجهة حدودية مع إسرائيل، يظهر طيف القرار ١٥٥٩ في محاولة داخلية للضغط على “حزب الله” لتسليم سلاحه الى الدولة اللبنانية. هكذا حصل خلال حرب تموز ٢٠٠٦، حين تضافرت المكائد الخارجية والداخلية لتضييق الخناق على المقاومة، وهكذا يحصل اليوم مع اشتعال جبهة مساندة غزة من الجنوب اللبناني، مع ضم الـ١٧٠١ الى الـ١٥٥٩ لإظهار “حزب الله” بصورة المعتدي على العدو الاسرائيلي والمخرّب للأمن والأمان الوطنيين.

استطاعت “القوات اللبنانية” أن تجذب “التيار الوطني الحر” الى ملعبها، وأن تحرجه مع حليفه الشيعي (حزب الله)، إذ تمخض جبل الموارنة في بكركي فولد كلاماً عن تجريد “حزب الله” من سلاحه، والتزام القرار ١٥٥٩.

فالوضع الأمني جنوباً، مضافاً الى تعذّر انتخاب الموقع الماروني الأول، وإقصاء المسيحيين عن القرارات الوطنية والادارات الرسمية (كما زعم رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل)، دفعت المسيحيين (باستثناء “المردة”) الى الاجتماع في حضرة بكركي، ممن يرفضون الحوار الوطني، وذلك لبحث الهواجس والتأسيس لوثيقة مسيحية لتحديد الثوابت.

لم ينتقص رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجبة من مسيحيته عندما رفض إيفاد ممثل عنه لاجتماع بكركي، إنما زاد من مكانته الوطنية لاعترافه ضمناً بأن لا إقصاء للمسيحيين لصالح المسلمين، بل إن المسيحيين يقصون أنفسهم عن القرار وخصوصاً أن خيار مقاطعة مجلس الوزراء هو قرار شخصي وشخصاني لباسيل، وشغور مواقع المسلمين في الادارات الرسمية يتخطى شغور المواقع المسيحية. أما الحديث عن تسليم سلاح “حزب الله” والقرار ١٥٥٩ والاستراتيجية الدفاعية، فكلها ملفات تتطلب حواراً وطنياً لا حواراً مسيحياً، وجب إشراك الطرف المعني حرصاً على السلم الأهلي والحؤول دون الاقتتال الداخلي.

يفاوض “حزب الله” العالم، في المباشر وغير المباشر، وينظر الى اللقاءات الحاصلة واعلاء السقوف السياسية على أنها تمرير للوقت بانتظار التسوية الاقليمية الكبرى. وحتى المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكشتاين غادر لبنان ولم يعد بانتظار وقف الحرب في غزة، وخصوصاً أن الدولة اللبنانية منفتحة على البحث في الطرح الاميركي بشأن الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، ولكن بعد وقف اطلاق النار. وتقول مصادر قيادية لموقع “لبنان الكبير”: “إن الطرح الأميركي لا يلحظ أي تراجع لحزب الله الى شمالي الليطاني، ولكنه يلزم لبنان أكثر مما يلزم إسرائيل.. وهذا ما لن يمر فور بدء التفاوض”.

والى حين اكتمال التسوية الاقليمية ونجاح المفاوضات حول غزة، تراوح الاستحقاقات اللبنانية الداخلية مكانها، بعد أن طار الحوار الوطني وعجزت “الخماسية” عن إقناع الكتل النيابية بضرورة التشاور والاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية. وتقول مصادر ديبلوماسية لموقع “لبنان الكبير”: “إن الخماسية باقية، وأي حل إقليمي سيُترجم في الداخل اللبناني وسيتظهّر من خلال الخماسية. ساعتئذ، كل الكتل النيابية ستصعد في قطار الحل، ومن لا يصعد يبقى خارج الحكم والسلطة”.

شارك المقال