من الحرب الباردة الى اوكرانيا … 75 على الناتو

لبنان الكبير

في ظل بيئة عالمية خصبة بالتحديات، أحيا حلف شمال الأطلسي (الناتو) اليوم الخميس الذكرى الـ 75 لإنشائه، التي تحل بينما يهيمن ملف حرب أوكرانيا على هواجس قادة الحلف، الذي يواجه التهديدات الروسية وشبح عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

ويسعى الناتو إلى زيادة المساعدة لكييف أمام التقدم الميداني للقوات الروسية واستمرار تأخر المساعدات العسكرية الأميركية. ويعقد وزراء خارجية الناتو لليوم الثاني اجتماعهم في بروكسل، بينما تنتقد روسيا حلف شمال الأطلسي، معتبرة أن لا مكان في “العالم متعدد الأقطاب”. فيما حضّ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ الولايات المتحدة على الوقوف بجانب أوروبا.

وأعاد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا عام 2022 إنعاش الناتو فيما واجه أحد أخطر التحديات منذ خرج من رماد الحرب العالمية الثانية لمواجهة الاتحاد السوفياتي.

وعزز الحلف قواته في أنحاء شرق أوروبا وبات يضم 32 عضواً بعدما انضمت كل من فنلندا والسويد إلى صفوفه. لكن بينما أعادت الحرب تركيز الناتو على عدوته التاريخية موسكو شرقاً، يثير تهديد آخر آتٍ من الغرب قلق الحلفاء من القوة الأبرز التي تقود الحلف وهي الولايات المتحدة. ويتمثّل هذا التهديد في عودة ترامب إلى البيت الأبيض، علماً أنه قوّض معاهدة الدفاع الجماعي للحلف عبر التصريح بأنه سيشّجع روسيا على مهاجمة أي دولة منضوية في الناتو لا تنفق ما يكفي على الدفاع.

وقال ستولتنبرغ خلال مراسم أقيمت في مقر الحلف في بروكسل: “لا أؤمن بأميركا وحيدة، كما لا أؤمن بأوروبا وحيدة… أؤمن بأميركا وأوروبا معاً في حلف شمال الأطلسي، لأنّنا أقوى وأكثر أماناً معاً”.

وفي مسعى لدرء انتقادات ترامب، استعرض الناتو زيادة في إنفاق الحلفاء الأوروبيين إذ يتوقع أن يصل 20 عضواً هذا العام إلى هدف إنفاق 2% من الناتج الداخلي الاجمالي على الدفاع.

وأشار ستولتنبرغ بعدما عزفت فرقة تابعة للجيش البلجيكي نشيد الناتو الى أن “أميركا الشمالية تحتاج أيضاً إلى أوروبا”.

وأضاف: “تملك الولايات المتحدة من خلال الناتو أصدقاء وحلفاء أكثر من أي قوة كبرى أخرى”.

مطالبة أوكرانيا بدفاعات جوية

وبينما يخيّم شبح ترامب على مستقبل الحلف، تواجه بلدان الناتو التحدي الأكثر إلحاحاً المتمثل في ضمان عدم خسارة أوكرانيا معركتها للتصدي لروسيا.

وألقى أعضاء الحلف بثقلهم خلف كييف الساعية للانضمام إلى الناتو عبر إرسال أسلحة بقيمة عشرات مليارات الدولارات. لكن هذه الإمدادات تراجعت الآن في وقت لا تزال حزمة مساعدات ضرورية عالقة في إطار السجالات السياسية التي تشهدها الولايات المتحدة. وعلى خط الجبهة، تواجه القوات الأوكرانية التي تعاني نقصاً في الذخيرة مقارنة بتلك الروسية، انتكاسات متتالية.

وفي مواجهة تصاعد الهجمات الصاروخية الروسية على بنيتها التحتية، تناشد كييف داعميها الغربيين إرسال كل أنظمة باتريوت الدفاعية التي يمكنها إرسالها.

وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا قبل المحادثات مع نظرائه في الناتو: “لا أرغب في تخريب الأجواء الاحتفالية، لكن بالتأكيد رسالتي الرئيسية اليوم ستكون (صواريخ) باتريوت”.

ورأى أن “إنقاذ حياة الأوكرانيين وإنقاذ الاقتصاد الأوكراني وإنقاذ المدن الأوكرانية يعتمد على توافر ياتريوت وغيرها من أنظمة الدفاع الجوي في أوكرانيا”.

ويثير أي احتمال لهزيمة أوكرانيا قلق بلدان الناتو القريبة من روسيا جغرافياً، إذ تخشى من أن تصبح هدف الكرملين التالي.

وقال وزير الخارجية الليتواني غابرييليوس لاندسبرغيس: “للأسف، هناك احتمال بأن معارك الناتو الأكبر ما زالت آتية في المستقبل. إذا أتت هذه المعارك ولم نكن مستعدين، فسيكون هذا أكبر خطأ لدينا على الاطلاق”.

وفي مسعى لضمان الدعم طويل الأمد لكييف في مواجهة احتمال عودة ترامب، اقترح ستولتنبرغ أن ينشئ أعضاء الحلف صندوقاً بقيمة 100 مليار يورو (108 مليارات دولار) لمدة خمس سنوات.

كما أنه يضغط لجعل الناتو منظمة منخرطة بصورة مباشرة أكثر في تنسيق عمليات تسليم الأسلحة، وهو أمر رفض الحلف القيام به حتى اللحظة خشية التسبب بجرّه نحو حرب مع روسيا.

وأعطت بلدان الناتو الضوء الأخضر للمضي قدماً بالخطة الأربعاء لكن ما زالت هناك العديد من التساؤلات بشأن الطريقة التي يمكن أن يتم من خلالها التمويل وإلى أي حد سيكون الحلف مستعداً للعمل على تحديد تفاصيله قبل قمة مرتقبة في واشنطن في تموز المقبل.

وتأسس الحلف في مثل هذا اليوم من العام 1949 في العاصمة الأميركية واشنطن. وكان عند التوقيع على معاهدة إنشائه يضم فقط اثني عشر عضواً من أميركا الشمالية وأوروبا، لكنه توسع كثيراً عبر العقود الماضية، ويضم الآن 32 عضواً، بينها فنلندا والسويد اللتين التحقتا به مؤخراً.

شارك المقال