اسرائيل ضربت ايران ردت أميركا صدت

د. زياد علوش

من دون النيل من أهمية السابقة الايرانية، وما كان ينقصها من فاعلية عملياتية تشفي صدور الغيارى على غزة والفظائع الاسرائيلية الممتدة لـ 76 عاماً، كما كان متوقعاً نسبة الى موازين القوى، فرضت واشنطن، ضمن رؤيتها الشرق أوسطية وفق تقليد أنها من تدير اللعبة وترسم الأدوار، على تل أبيب وطهران معادلة إدعاء النصر لكل منهما.

بإمكان طهران القول إن مسيراتها وصواريخها أرست معادلة جديدة أنها قادرة على الرد اذا ما استهدفت بصورة مباشرة، كما يمكن لاسرائيل أيضاً القول بانتصار استراتيجي لمنظومتها الدفاعية وانها امتحنت جيداً أصدقاءها من أميركا الى أوروبا ومن في معناهما من الحلفاء والأصدقاء.

المفرقعات الايرانية في سماء الشرق الأوسط التي بدت احتفالية “كريسمس” أكثر منها تراجيدية والتي جاءت رداً على سحق قنصليتها في دمشق على حين غرة ومقتل سبعة من كبار عسكرييها، فعلت فعلها في العديد من العواصم العربية باستثناء سماء فلسطين المحتلة، فكانت قوتها الصوتية في مركز الانطلاق أكثر منها تدميرية في مركز الاستهداف، وقد خذلت الأمل في اصطياد بعض الرؤوس الحامية السياسية والعسكرية في اسرائيل أو على الأقل ورود بعض الصور لمنشآت حيوية اسرائيلية وقد دمرت.

أسبوعان من التحذيرات الايرانية كانا كافيين لحسن تنفيذ السيناريو المشترك الذي تم اعداده خلف الكواليس بين “الأعداء”.

ما لم يستجب بنيامين نتنياهو لرغبات الثنائي بتسلئيل سموتريتش-ايتمار بن غفير بضرورة الرد “السريع والصاعق” كما سبق وأعلن، يمكن القول ان اللحظة الراهنة هي لتسريبات متنامية لمندرجات الاتفاق الايراني-الأميركي الشامل الذي على أساسه تم تقنين الرد والصد، لا سيما في مسألتي الاتفاق النووي والافراج عن الأرصدة.

ايران وأميركا دولتان واقعيتان تجمعهما عقلية “الصفقة”، في الوقت الذي يعمل جو بايدن على استدراك ما أمكن من تراجع أرقامه الانتخابية في سباقات الرئاسة الى البيت الأبيض، فإن ذلك يتطلب التضحية بنتنياهو المأزوم وسيتضاعف تأزمه ما لم يغامر بالرد على طهران بما يخالف توجيهات الادارة الأميركية، فإن الاستنكاف سيكون اللحظة المفصلية لانتهاء حياته السياسية خصوصاً إذا ما ظل عالقاً في وحول غزة وعند أبواب رفح الذي ربط نصره بإقتحامها وما دون ذلك هزيمة لتل أبيب وخسارة للحرب، ذلك أيضاً مصير سائر حلفائه من اليمين المتطرف الذين سيبعدهم مسار حل الدولتين عن منصة السلطة الى وقت بعيد جداً.

ما كانت ايران لتتجرأ على محظور استهداف تل أبيب بصورة مباشرة ولو استعراضياً بما يؤدي الى ازالة النظام بدل إضعافه ما لم تكن واشنطن على سابقة حرب 1973 أرادت فرك أذن اسرائيل لإنقاذها من نفسها عندما شعرت بالغطرسة عقب “نكسة” 1967، فكانت اتفاقية “كامب ديفيد”.

شارك المقال