الرد الايراني لن يخدم نتنياهو بالبقاء على رأس السلطة

زياد سامي عيتاني

جاء تنفيذ إيران لتهديدها بالرد على الهجوم الذي طال قنصليتها في سوريا، بضربة جوية مباشرة ضد إسرائيل تعد الأولى من نوعها بين البلدين، في وقت كان رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو محاصراً داخلياً ودولياً بالضغوط، بسبب تعنته بشأن التجاوب مع المطالب الدولية بوقف مذبحة غزة. لكن سرعان ما تحوّل نتنياهو “المُحاصر”، من الموقف الدائم للانتقادات، إلى موقف التأييد والمساندة، بعدما سارعت العواصم الغربية وخصوصاً الولايات المتحدة الى إعلان دعمها لتل أبيب وإجراءاتها الأمنية ضد الرد الايراني. وهذا ما يطرح السؤال عن مدى إمكان إستفادة نتنياهو من الهجوم الايراني دولياً وداخلياً؟

لا شك في أن نتنياهو سيحاول بشتى الوسائل الافادة سياسياً من الهجوم الايراني الأخير، وخصوصاً على الصعيد الدولي، إذ سيعيد له الزخم والدعم بعد فترة من الانتقادات، كما سيحاول في الوقت نفسه توظيف هذا الهجوم واستغلاله لتحقيق بعض المكاسب السياسية “الشخصية”، ومحاولة توحيد الشارع الاسرائيلي المنقسم، آملاً في البقاء على رأس السلطة لأطول فترة ممكنة.

تستبعد أوساط ديبلوماسية متابعة لتطورات الشرق الأوسط أن يكون للهجوم الايراني نتائج تخدم مصلحة نتنياهو “الداخلية” في ضوء المطالبة بإسقاطه وإسقاط حكومة اليمين المتطرف على اعتبار ذلك مصلحة إسرائيلية وأميركية بالدرجة الأولى. كما تبدي تلك الأوساط خشيتها من أن يرتكب نتنياهو مغامرة خطيرة إذا ما قرر مهاجمة إيران، لأن ذلك سيقود إلى حرب إقليمية شاملة قد تضطر إسرائيل الى خوضها وحيدة أمام محور المقاومة في المنطقة، وفي هذه الحالة ليس هناك ما يضمن أن تشارك الولايات المتحدة في الحرب إلى جانب إسرائيل، وقد تكتفي بتقديم الدعم العسكري والسياسي.

وثمة فريق سياسي داخل الكيان الصهيوني يعتبر أن “النجاح الاسرائيلي في إحباط مفاعيل الرد الايراني” لن يؤثر على الخريطة السياسية الاسرائيلية الداخلية، ولا على النظرة المتحفظة تجاه نتنياهو وحكومته. ويؤكد هذا الفريق أن “الإنجاز” يحسب للمؤسسات الأمنية والعسكرية وقادتها على الرغم من فشل السابع من أكتوبر، وليس نتيجة قرارات المستوى السياسي برئاسة نتنياهو وتصرفاته، والدليل على ذلك الاحتجاجات الشعبية التي سبقت الهجوم الايراني بساعات قليلة، وطالبت بتقديم موعد الانتخابات. وبإعتقاد هذا الفريق، أن على إسرائيل التركيز على ملف غزة وتحرير المخطوفين، ما يتطلب من حكومة نتنياهو أن تعيد إسرائيل دراسة خياراتها السياسية والعسكرية والذهاب إلى تسوية سياسية في غزة لتجنب المزيد من الخسائر السياسية والعسكرية.

الخلاصة، نتنياهو وإن حصل على جرعة دعم دولية، فإنه على الصعيد الداخلي لا يزال يعيش مأزقاً سياسياً، قد يدفعه الى الرضوخ للمطالب الأميركية والشروع في حل سياسي لحرب “الاستنزاف” في غزة، بعدما “سلّفته” إدارة جو بايدن الدعم العسكري والمخابراتي بشأن العملية الايرانية، فالرئيس بايدن أيضاً بحاجة إلى “جرعة” سياسية، قبل أن ينصرف الى الانتخابات الأميركية.

شارك المقال