الأردن وسط العاصفة… نصرة فلسطين والخلاف مع ايران

محمد شمس الدين

وسط الصراع الايراني – الاسرائيلي في المنطقة تعلق عدة دول في الدوامة، وقد أصبح لبنان وسوريا والعراق واليمن أطراف دائمة في هذا الصراع تحت لواء محور “المقاومة”. وفيما تمكنت كل من مصر والأردن من تجنب التأثر بالصراعات السابقة، إلا أن حرب الابادة التي تخوضها اسرائيل في غزة أثرت بالدولتين الجارتين لها، لا سيما الأردن، الذي شهد تحركات شعبية ضخمة، وسط دعوات “حمساوية” للأردنيين للتوجه إلى الحدود نصرة لغزة، وهو أمر تدينه القيادة الأردنية، وتتهم إيران بالعمل على زعزعة أمن المملكة الهاشمية. وأتت التطورات الأخيرة، عبر الرد الايراني، لتزيد من التوتر بين عمان وطهران، بحيث تعتبر الأخيرة أن الأردن يدافع عن اسرائيل، بينما تؤكد المملكة أنها تحافظ على سيادتها.

تجدر الإشارة الى أن للأردن دوراً مميزاً في القضية الفلسطينية، اذ يعتبر الوصي والراعي لها، لا سيما أن المسجد الأقصى يعد تحت حماية المملكة الهاشمية، وكانت الضفة الغربية تحت السلطة الأردنية تاريخياً قبل أن يتم فك الارتباط عام ١٩٨٨.

وللأردن تحديداً خصوصية وحساسية عالية كونه يمثل في الحسابات الاسرائيلية المتطرفة، الوطن البديل الذي تأمل قوى التطرف الاسرائيلي استهدافه ليسهل هدف التهجير والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية.

والجدير بالذكر أن البرنامج الانتخابي للوزير الاسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتيريش يتضمن تحويل الضفة الغربية إلى مناطق إدارية تحكم كل منها تركيبة عشائرية في ظل حكومة تكنوقراط، تكون على وفاق مع إسرائيل، لها أجهزة أمنية ونظام اقتصادي وسلطة تفوق سلطة البلدية من دون بُعد سياسي، وتدير شؤون التعليم والصحة والاقتصاد والعمالة.

الباحث السياسي د. نبيل سرور رأى في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “هناك حراكاً في الأردن حالياً يستهدف مناصرة القضية الفلسطينية”، مشيراً إلى أن “طبيعة العلاقة بين الشعبين الأردني والفلسطيني، تجعل من الصعب على الأردنيين أن يئن الفلسطينيون وتدمر غزة ولا يكون لهم موقف، ويأتي هذا بعد تحركات شهدها الأردن منذ فترة متعلقة بالوضع الاقتصادي ولقمة العيش، وقد تم قمع هذه المظاهرات، والكشف عن مخططات للمس بالسلطة الموجودة، العائلة الملكية الأردنية”.

واعتبر سرور أن “الواقع الأردني مهتز، ويختزل الكثير من التحديات لدى العائلة الحاكمة، وما زاد من حماوة الأمر موضوع غزة، فالشعب واحد، والحدود متقاربة”، معرباً عن اعتقاده أن “ما يجري حالياً هو حالة تململ شعبية من السلطة القائمة نتيجة سوء السياسات، بدرجة أساسية تجاه غزة ومناصرتها. الأردن هو البلد الشقيق لفلسطين، الذي يعيش قضاياها بصورة مباشرة بالتاريخ والجغرافيا”.

وأكد أن “هناك سيطرة على التحركات الشعبية، واذا مرت الأمور من دون سفك دماء، تستطيع الدولة احتواءها على الرغم من توسعها الكبير، ولكن القضية الأساس في هذا الأمر إغفال فلسطين وتجاهلها، من دولة من المفترض أنها تناصرها. ومن الواضح أن هناك جمراً تحت الرماد في هذا المجال، فهناك منع للجماهير من التوجه الى السفارة الاسرائيلية، ومنع من التوجه إلى الحدود، وهذا قد يفاقم حالة الغضب والاحتقان في الشارع”.

في المقابل، قال مدير “مركز تطوير للدراسات الاستراتيجية والتنمية البشرية”، الباحث الفلسطيني هشام دبسي لـ “لبنان الكبير”: “التصريح الرسمي الأردني يدل على ما يحصل في المملكة الهاشمية، حركة حماس وحركة الاخوان المسلمين حاولتا أن تدفعا بالحركة الجماهرية لتأخد منحى صدامياً مع الدولة، من خلال التحرك ضد السفارة الاسرائيلية واغلاق الطرق، مما اضطر الأمن الأردني الى أن يفض هذه التحركات علماً أنه لم يتدخل قبل شل الطرق. والأمر الآخر عبر الدعوة الأخيرة للجمهور الأردني والفلسطيني الى اقتحام الحدود، وهذه كانت الشعرة التي قصمت ظهر البعير في العلاقة بين حماس والأردن، لا سيما أن خالد مشعل نفسه هو الذي طالب بهذا الأمر، وهذا أثر بالأردن مضاعفة، كون المملكة أنقذت حياته عندما سمّمته المخابرات الاسرائيلية، وها هو يدعو الى ارتكاب مجزرة”.

وذكر دبسي عندما كانت الممانعة تجمع الفلسطينيين في “بوسطات” وترسلها نحو الحدود، إن كان على الشريط الحدودي أو على خط الجولان، “وكانت تؤدي إلى سقوط ما بين١٠-١٢ قتيلاً في كل مرة من دون جدوى، ولم يتجرأ الاخوان على الدعوة إلى هذا الأمر في لبنان، لأن الأمر سيكون مسخرة بوجود حزب الله، ولم يجرؤوا على الدعوة الى ذلك في سوريا لأن النظام وروسيا كانا سيمنعانهم قمعاً، فتوجهوا كحركة اخوان دولية، لدعوة الشعب الأردني الى أن يقتحم الحدود، وأتى الرد الأردني عليهم، وعلى وقاحة الدعوة وفداحتها، لأنها دعوة لسفك الدماء، فعندما تكون حماس في مأزق، وتحمّل مسؤولية المذبحة التي تديرها اسرائيل في غزة للنظامين المصري والأردني، يكون هذا الأمر ليس أقل من مؤامرة”.

شارك المقال