رسائل ايرانية عبر الحدود اللبنانية… سوق عكاظ بين القوى السياسية

لبنان الكبير / مانشيت

وسط إصرار اسرائيلي على الرد على الايراني، متباهياً باسقاطه معظم الصواريخ والمسيرات عبر منظومته الدفاعية الجوية، يبدو أن طهران وجهت رسالة عبر وكيلها في لبنان “حزب الله”، الذي استهدف منظومة دفاع جوية اسرائيلية في قاعدة بيت هليل، بالمسيرات الانقضاضية، ما أدى الى تدميرها بالكامل، واستدعى رد فعل اسرائيلي باستهداف قياديين من الحزب وهم ينتقلون بسياراتهم على طول الجبهة الجنوبية، بما يبدو أنها رسائل متبادلة بين طهران والكيان الاسرائيلي يستعرض كل طرف فيها قدراته الاستخباراتية والعسكرية في ساحات الشرق الأوسط، فيما تحاول الولايات المتحدة تبريد الغضب الاسرائيلي عبر تشديد العقوبات على طهران.

وفيما عاد بلدهم إلى لعب دور صندوق بريد القوى الاقليمية، يعيش اللبنانيون الأزمات من كل الجهات، لا سيما لجهة الاستحقاقات الدستورية، بينما يحاول الأصدقاء المتمثلون في لجنة خماسية، المساعدة على تخطي هذه الأزمات، إلا أن تحقيق خرق ليس سهلاً في ظل تشبث كل طرف بمواقفه، وتعبئة الساحات بمواقف للقوى السياسية ضد بعضها البعض، وهو ما حصل أمس بعد اجتماع سفراء اللجنة الخماسية في دارة السفير المصري علاء موسى، بحيث شهد البلد سوق عكاظ سياسية بين معراب وميرنا الشالوحي وعين التينة، ما يدل على عدم وجود حلحلة في المدى المنظور، وصعوبة مهمة سفراء “الخماسية” الذين يباشرون جولة جديدة على القوى السياسية بدءاً من اليوم. 

الميدان

جنوباً، لم يسجل أي اعتداء اسرائيلي أمس حتى ساعات ما بعد الظهر، عندما أعلن “حزب الله” أنه شنَّ هجوماً جوياً بمسيرات إنقضاضية على دفعتين إستهدفتا منظومة الدفاع ‏الصاروخي في بيت هليل، أصابت منصات القبة الحديدية وطاقمها وأوقعت أفرادهه بين ‏قتيل وجريح، لترد اسرائيل بسلسلة غارات بينها استهداف ٣ سيارات في منطقتي عين بعال والشهابية، اغتالت فيها عنصرين من “حزب الله” وعنصر لحركة “أمل”، ليعود الحزب ويعلن مساء عن عمليات متتالية استهدف فيها مقر قيادة اللواء 769 في كريات شمونة بصواريخ الكاتيوشا، وحدة المراقبة الجوية في ميرون ومقر قيادة 146 في جعتون.

الرد الاسرائيلي

بعد اجتماع الكابينت، نقل الاعلام الاسرائيلي أن القيادة قررت كيف ترد على ايران ووكلائها، ولكن لم يتم تحديد الزمان بعد، فيما تفردت القناة ١٢ الاسرائيلية بنقل خبر اتخاذ القرار بالرد داخل ايران في “أقرب وقت ممكن”.

وكان رئيس أركان الجيش الاسرائيلي هرتسي هاليفي قال الاثنين: “إطلاق هذا العدد الكبير من الصواريخ، صواريخ كروز، والطائرات المسيرة على الأراضي الإسرائيلية سيُقابل برد”، لكنه لم يقدم تفاصيل.

في المقابل، حذر مساعد وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني الاثنين من أن الهجوم المضاد الذي ستشنه طهران في أعقاب أي انتقام إسرائيلي سيكون “في غضون ثوان لأن إيران لن تنتظر 12 يوماً أخرى للرد”.

مساعٍ أميركية لتجنب الرد

وعلى الرغم من أن الهجوم الايراني لم يسفر عن سقوط قتلى وأحدث أضراراً محدودة فقط، بسبب الدفاعات الجوية والاجراءات المضادة من إسرائيل وحلفاء لها، الا أنه أدى إلى تفاقم المخاوف من اتساع نطاق الحرب الدائرة في قطاع غزة ونشوب حرب مفتوحة بين الخصمين اللدودين إسرائيل وإيران.

وسعت واشنطن، بالتعاون مع حلفائها الأوروبيين أمس الثلاثاء، إلى تشديد العقوبات الاقتصادية والسياسية على إيران في محاولة لثني إسرائيل عن الرد العنيف.

وقال وزير الخارجية الاسرائيلي يسرائيل كاتس: “أقود هجوماً ديبلوماسياً على إيران”. وأشار الى أنه بعث برسائل إلى 32 دولة، ودعا إلى فرض عقوبات على مشروع الصواريخ الإيراني وإعلان الحرس الثوري منظمة إرهابية.

وأعلنت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين أن الولايات المتحدة ستستخدم العقوبات وتعمل مع الحلفاء لمواصلة عرقلة “أنشطة إيران الخبيثة والمزعزعة للاستقرار”.

وأضافت خلال مؤتمر صحافي في واشنطن أن كل الخيارات لعرقلة “تمويل الإرهاب” الايراني مطروحة على الطاولة، وأنها تتوقع إعلان مزيد من العقوبات على إيران في الأيام المقبلة.

وأكد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الاثنين أن مجموعة السبع تعمل على حزمة من الاجراءات المنسقة ضد إيران.

وأوضحت إيطاليا، التي تتولى الرئاسة الدورية لمجموعة السبع، أنها لا تمانع في فرض عقوبات، مشيرة إلى أن أي إجراءات جديدة ستستهدف أفراداً.

ضغوط على اسرائيل

وذكرت هيئة البث الاسرائيلية أن صنّاع القرار في إسرائيل يتعرضون لضغوط هائلة لمنعهم من الرد على الهجوم الايراني أو الاكتفاء برد محدود.

ونقلت الهيئة عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن هناك رسالة واضحة من الولايات المتحددة ودول أوروبية مفادها الاكتفاء برد غير كبير أو اعتبار إسقاط 99 بالمئة من الصواريخ الإيرانية بمثابة “انتصار على إيران ولا حاجة لنصر إضافي”.

وأضافت الهيئة: “تلك الدول قالت إن على إسرائيل عدم الرد على الهجوم الايراني، أو الرد بطريقة مدروسة ومتناسبة، وأنه في ضوء الوضع الراهن، يمكن للحكومة الاسرائيلية أن تكتفي بالحملة الديبلوماسية والسياسية المنسقة التي يتم شنها ضد إيران بالتعاون مع الولايات المتحدة”.

ايران تريد التهدئة

وأعلنت بكين أمس، أنّ وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان أكدّ لنظيره الصيني وانغ يي خلال مكالمة هاتفية رغبة طهران في “التهدئة” بعد قصفها غير المسبوق لاسرائيل.

ونقلت وكالة الأنباء الصينية “شينخوا” عن الوزير الايراني قوله لنظيره الصيني إنّ مجلس الأمن الدولي “لم يقدّم الردّ اللازم على هذا الهجوم (قصف القنصلية في دمشق)”، واعتبر أنّ “لإيران الحقّ في الدفاع عن نفسها ردّاً على انتهاك سيادتها”.

وخلال مكالمته مع نظيره الصيني، أكّد عبد اللهيان أنّ إيران لديها “الرغبة بممارسة ضبط النفس” وليست لديها أيّ نية للمساهمة في تصعيد أكبر للتوترات.

كما حذّر عبد اللهيان، وفقاً للوكالة، من أنّ أيّ هجوم جديد ضدّ مصالح إيران أو أمنها سيؤدّي إلى ردّ فعل “حاسم وفوري وكبير”، مشيرة إلى أنّ هذا التحذير موجّه خصوصاً إلى واشنطن.

وكذلك، أعلن الكرملين أن الرئيس الايراني إبراهيم رئيسي أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر الهاتف بأن الهجوم الايراني على إسرائيل كان محدوداً وأن الجمهورية الاسلامية لا تريد التصعيد.

وأضاف الكرملين أن بوتين عبّر عن أمله في أن تتحلى جميع الأطراف بضبط النفس وبالتالي عدم الانزلاق نحو مواجهة قد تكون لها “عواقب كارثية على المنطقة بأكملها”.

“الخماسية”

وفي الشأن المحلي، أعيد تشغيل محركات سفراء الخماسية الدولية، باجتماع في دارة السفير المصري علاء موسى في دوحة الحص، وحضرت عدة كتل نيابية هي “التوافق الوطني” و”تجدد” و”التغييريين” و”الطاشناق”.

ولكن يبدو أن القوى السياسية تعرقل تحرك “الخماسية” قبل بدئه، بحيث رد رئيس مجلس النواب نبيه بري على رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، وقال في حديث لقناة “الجديد”: جبران “في كتابه” يريد أن يفصل جبهة الجنوب عن غزة “وهيدي ما بتزبطش”.

وعن هجوم جعجع عليه بشأن الانتخابات البلدية، أكد بري أنه “لن تحصل انتخابات بلدية من دون الجنوب وبده يستوعب جعجع، مش مستعد أفصل الجنوب عن لبنان”. واعتبر أن الخطورة في كلام جعجع هي عن الفديرالية وهذا يعني أننا ما نزال في “حالات حتماً”.

وكان باسيل قال في كلمة أمس: “الانخراط في حرب لا أفق لها ولا وقت، ومرتبطة بمصالح آخرين وليس لبنان فقط، تحت عنوان وحدة الساحات وربط جبهة لبنان بجبهة الجنوب فيما جبهات اخرى متوقفة مثل الجولان وسوريا والعراق هذا أمر لا نوافق عليه، ونسعى الى وضع حد له”.

وقبله هاجم جعجع في منشور عبر حسابه على “اكس” محور الممانعة قائلاً: “بعدما حرمتم اللبنانيين من دولة فعلية، وبعدما أوصلتموهم إلى قعر جهنّم، وبعدما عطلتم الانتخابات الرئاسية، تجهدون اليوم لحرمانهم أيضاً وأيضاً من السلطات المحلية”.

شارك المقال