انتخابات نقابة المهندسين فضحت باسيل: انتصار بأصوات الثنائي الشيعي!

جورج حايك
جورج حايك

إتخذت معركة انتخابات نقابة المهندسين التي فاز بها فادي حنا صديق رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل وشريكه في بعض الأعمال، بُعداً سياسياً واضحاً، وبدا أن باسيل راهن كثيراً على هذه الانتخابات وكان مستعداً لأن يتخلى عن كل خطابه مؤخراً حول خلافه على الرؤية السياسية مع “حزب الله”، وأن يعضّ على جرحه ويتقرّب من رئيس مجلس النواب نبيه بري، ليحقق إنجازاً في الانتخابات النقابية يعيد إليه بعض الزخم السياسي، وخصوصاً أن شعبيته تآكلت مسيحياً ولبنانياً.

لكن حقيقة ما حصل في الانتخابات تظهرها الأرقام على نحو واضح: المرشّح بيار جعارة الذي كان مدعوماً من “القوات اللبنانية” وتيار “المستقبل” و”الكتائب” والشخصيات السيادية نال 67 في المئة من أصوات المهندسين المسيحيين، فيما نال حنا المدعوم من “التيار الوطني الحر” والثنائي الشيعي 28 في المئة من أصوات المسيحيين، ولم ينل جعارة أي صوت شيعي، أما حنا فنال 98 في المئة من أصوات المهندسين الشيعة المحسوبين على “أمل” و”التيار”، وحاز جعارة 45 في المئة من أصوات السنّة، وحنا 38 في المئة من أصواتهم، وبدا الصوت الدرزي غير متحمّس للانتخابات ولم يصوّت مهندسوه لجعارة، بل أعطوا 28 في المئة من أصواتهم لحنا، و72 في المئة لخيار ثالث.

وفي قراءة سريعة لنتائج الانتخابات “المسيّسة”، يوضح عضو “الجمهورية القوية” النائب المهندس نزيه متى لـ”لبنان الكبير”: “ما حصل لم يفاجئنا، وقد تكلما عنه مراراً وتكراراً بأن التحالف بين حزب الله وحركة أمل والتيار لا يزال قائماً منذ 19 عاماً، وعلى الرغم من أنهم يتهجّمون على بعضهم البعض، ويتظاهرون بالخلاف، نراهم متناغمين في كل استحقاق انتخابي، سواء كان الانتخابات النيابية أو النقابية، لأن الثنائي الشيعي بحاجة إلى فريق سياسي مسيحي يواجه القوات على المستوى النقابي”.

ويلفت إلى أن أولوية الثنائي الشيعي أن لا يصل إلى رئاسة النقابة مرشح لـ “القوات” أو مدعوم منها، وهو يعتبر أن كل انتصار لها في أي انتخابات يعني تمددها في الشارع المسيحي، فمهما كانت خلافاتهم، يرسم “الحزب” خطاً أحمر، ويدعم باسيل، و”يمون” على حركة “أمل”.

ولا شك في أن الثنائي الشيعي يحشد بكثافة، وهذا ما يعترف به متى، “فالمهندسون التابعون له يلتزمون وقد شارك ما لا يقل عن 2643 مهندساً منهم، أعطوا فادي حنا، إضافة إلى حلفائه من السُنّة كجمعية المشاريع الخيرية وعبد الرحيم مراد وكل السنّة خارج 14 آذار”.

في المقابل، لا يمكن إلا التوقّف أمام ما نسبته 67 في المئة من المهندسين المسيحيين الذين صوّتوا لجعارة والخط السيادي المتمثّل في “القوات” و”المستقبل” و”الكتائب” و”الوطنيين الأحرار”، ويقول متى: “إضافة إلى الأحزاب السيادية، هناك مجموعة لا بأس بها من المهندسين المستقلين الذين يؤمنون بمشروع بناء الدولة صوّتوا لجعارة. أما حنا مرشّح باسيل فلم يحظ سوى بـ25 في المئة من أصوات المهندسين المسيحيين أي ما لا يتجاوز 1300 مهندس تقريباً”.

لا يختلف اثنان على أن “المستقبل” ليس في أعلى جهوزيته السياسية، نظراً إلى تعليق رئيسه سعد الحريري نشاطه السياسي، ويعتبر متى أن “الصوت السني توزّع بين المرشحين، ولو مال إلى جعارة بنسبة قليلة”.

أما المهندسون الدروز وخصوصاً التابعون للحزب “التقدمي الاشتراكي” فكانوا على الحياد نسبياً، إلا أن متى يؤكّد أن “التقدمي لم يرد أن يدخل في صدام مع الثنائي الشيعي، بل كان متناغماً مع حركة أمل، فهو يرفض أن يدخل طرفاً في الانقسام العمودي في البلد كما يعبّر دائماً، وأعطى أكثرية أصواته لمرشّح ثالث هو المستقل جورج غانم”.

في المحصّلة، يمكن القول “ربّ ضارة نافعة”، فما حصل فضح باسيل كلياً، لأنه تبيّن، للمرة الألف، أنه يتاجر بموضوع الخلاف مع “الحزب”، و”تفاهم مار مخايل” لا يزال سارياً تبعاً للمصالح. ويختم متى: “انه يستخف بعقول أنصاره، وهذا ما يثبت دقة مقاربة القوات حياله وأسباب عدم ثقتها به، فهو يتبع مصالحه ويخترع لها المبررات التي لا تصدّقها سوى أقلية من الناس”.

شارك المقال