“الحزب” ورقة استراتيجيّة لايران إذا ارتفع مستوى المواجهة!

جورج حايك
جورج حايك

لا يغيب عن بال أحد أن “حزب الله” هو جزء من الاستراتجية العسكرية الايرانية، ودوره أساسي في المواجهة القائمة بين ايران واسرائيل. صحيح أن ايران لم تستخدمه في ردّها على اسرائيل، إلا أن المسألة لم تنتهِ بعد، والحكومة الاسرائيلية مصمّمة على توجيه ضربة الى إيران لم تُعرف درجتها بعد ولا طبيعتها، وإن كان الخبراء العسكريون يرجّحون أن تكون هذه الضربة في العمق الايراني من دون إفراط، نظراً إلى الضغط الأميركي على اسرائيل تجنّباً للإنجرار إلى حرب واسعة لا تريدها واشنطن المنهمكة في حسابات انتخابية داخليّة.

بعيداً عن موجة تسخيف الردّ الايراني، يرى الباحث في شؤون الأمن والدفاع رياض قهوجي أن “الخطوة التي قامت بها إيران، على الرغم من نتائجها الهزيلة والمحدودة، تعكس جرأة معينة من الناحية الاستراتيجية، وهذا أمر مهم ولا يجوز التقليل من أهميته”، مؤكداً أن “هذا مؤشّر على أن القيادة الايرانية مستعدة لأن تخاطر وتبادر إلى خطوات كبيرة على هذا النحو”.

لكن لا شك في أن الخبراء العسكريين باتوا واثقين بأن اسرائيل تتمتع بتفوّق تكنولوجي على ايران وكل أذرعها العسكرية، وثمة من يستخف بإيران ويعتبر أنه إذا كانت مرجعية محور الممانعة بهذا المستوى العسكري، فماذا ننتظر من أذرعها العسكرية ولا سيما “حزب الله”؟! إلا أن لقهوجي رأياً آخر ويجيب: “ان هذه المقاربة غير دقيقة، إذ لا يمكن المقارنة بين مواجهة ايران لاسرائيل من جهة ومواجهة الحزب لها من جهة أخرى، فإيران تبعد مسافة 1500 كيلومتر عن اسرائيل، وطبيعة مواجهتها لتل أبيب مختلفة، فيما الحزب يربض على حدودها مباشرة واستخدامه صواريخه ومسيّراته ضدها سيكون أكثر فاعلية لقرب المسافة، وبالتالي ستواجه اسرائيل صعوبات أكبر لصدّ مسيّراته أو ردعها”. ويوضح “يجب أن لا ننسى أن ترسانة الحزب تحتوي على صواريخ باليستيّة يستخدمها الآن، إضافة إلى صواريخ استخدمها في حرب تموز 2006 مثل زلزال 3 ورعد وغيرها، ومن الواضح أن الحزب لم يُدخل صواريخ دقيقة كثيرة يمتلكها في المواجهة”.

ويتحدث قهوجي عن التكتيك العسكري الذي تعتمده إيران و”الحزب” لاختراق الدفاعات الاسرائيلية، ويقول: “انهما يعتمدان على كثافة النيران لإنهاك الدفاعات، لذا قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها بمساعدة اسرائيل في مواجهة الهجوم الايراني الكثيف وأفشلته”. وفي هذا السياق، يؤكّد أن “أي منازلة مفتوحة للحزب مع اسرائيل ستكون أكثر فاعلية لصالح الحزب لأن المسافة أقصر”.

على الرغم من المواجهة مع إيران، لم تخفّف اسرائيل من تصعيدها على جبهة جنوب لبنان من جهة، وجبهة غزة من جهة أخرى، ورئيس حكومتها بنيامين نتنياهو يريد توسيع الحرب، ويرى قهوجي أن “اسرائيل تضرب مواقع للحزب من دون قيود وفي كل مكان، إلا أنها لم تدخل في حرب بريّة بسبب ضغوط أميركية، وهي تنتظر أن يُخطئ الحزب بخطوة ما لتنقضّ عليه، إلا أنه ملتزم بقواعد الاشتباك التي وضعها لنفسه منذ بداية الحرب”.

ويبدو أن ايران تترك “الحزب” للمواجهة الكبرى إذا حصلت، ويعتبر قهوجي أنه “ليس خارج المعادلة بالنسبة الى إيران، فعندما ترى مصلحة لها بإنخراطه في الحرب على نحو كبير لن تتردد بذلك، وهو عامل مساعد كبير لها”.

أما على صعيد معركة رفح، فيؤكّد قهوجي أنها “مؤجّلة، لأن نتنياهو يريد أن يعطي وقتاً للجيش الاسرائيلي كي يقوم بعمليات تطهير وتمشيط في شمال غزة حيث هناك أوكار لحماس فيها، وبالتالي يريد تنظيفها نهائياً قبل إعادة المدنيين إليها، بحيث سينقلهم من رفح إلى الشمال ليبدأ العملية العسكرية الأخيرة في الجنوب، إلا أن المواجهة مع ايران تجعل الموضوع الفلسطيني يتراجع لصالح العنوان الأكبر وهو مرجعية محور الممانعة إيران والهدف تحجيمها، وهذا أمر مهم للاستراتيجية الاسرائيلية”.

شارك المقال