“الخماسية” تملأ الفراغ و”الاعتدال” ينعى مبادرته قريباً… الجنوب أولاً!

ليندا مشلب
ليندا مشلب

كل الطرق لن تؤدي إلى روما… وكل المحاولات لانتخاب رئيس، جعجعة بلا طحين. وخلافاً لما يقال في العلن، هناك شبه اقتناع أصبح سائداً إلى حد كبير لدى العارفين بمسار الأمور، بأن الحركة الرئاسية التي تحصل حالياً والدينامية التي هبت مجدداً في روح “الخماسية” لن توصلا أحداً إلى الكرسي الفارغ في القصر الصامت.

وحده الجنوب الطريق الوحيد إلى الرئيس.

أكثر من أي وقت مضى أصبح الملف الرئاسي مرتبطاً بالحرب الدائرة في الجنوب على الرغم من التشديد على فصل الملفين، لكن عن أي فصل يتحدثون؟ وكيف يترجم؟

تتقاطع المعلومات التي حصل عليها موقع “لبنان الكبير” من أكثر من مصدر حول أن ما توصلت اليه “الخماسية” بعد ختام هذه الجولة، يمكن استخلاصه في نقطتين: الأولى، في الظاهر إيجابية مطلقة بضرورة انتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن وتقديم كل التسهيلات وإبداء الانفتاح على مناقشة أي طرح. الثاني، وهو الأساس، اشكالية كبيرة في عملية الانتخاب شكلاً، من حيث الدعوة وإدارة الجلسة ورئاستها، والبحث يجري حالياً في تخريجة وسطية تلقى قبول غالبية المكونات وتضمن حضورها إلى الجلسة، وبين من يرفض أن يترأس رئيس مجلس النواب نبيه بري الحوار كونه طرفاً سياسياً ويطلب جلسات مفتوحة الى حين انتخاب رئيس من دون إقفال المحضر بين الجولة والأخرى، وبين من لا يوافق على الآلية من الأساس لعدم تسجيل عرف، وبين من يصر على ترؤس الرئيس بري الحوار والجلسات والدخول من دون أي شروط مسبقة… أصبح الملف برمته أمام طبخة بحص. هذا في ظاهر الأمور لكن باطنها هو الحقيقة المطلقة، أن لا رئيس في المدى المنظور وما دام الجنوب على خط النار فلن ترفع المتاريس من طريق بعبدا.

مصدر سياسي بارز على تواصل مع كواليس الديبلوماسية يؤكد لـ “لبنان الكبير” أن ما يقوم به السفراء، حاجة وضرورة لملء الفراغ تحضيراً لأرضية معينة تتماشى مع التسوية أو الحل الذي يعمل عليه فور وقف إطلاق النار، أقله لضبط الساحة وتخفيف التوتر والحد من تفاقم الخلاف الذي يمكن أن يعقد الأمور أكثر ويشرّع لبنان على مزيد من المشكلات لا سيما المرتبط منها بأزمة “النزوح”.

ويكشف المصدر أن التقاطع الأبرز بين الدول ذات النفوذ الأكبر أي أميركا وايران والسعودية وفرنسا هو الحفاظ على الاستقرار والمساعدة في ضبط الشارع حتى يتسنى التركيز على ايجاد حل لجبهة الجنوب. من هنا تبرز أيادٍ خفية تتدخل في كل ما من شأنه تدهور الأوضاع، وقد برز هذا الأمر بصورة واضحة في تداعيات الحادثة الأخيرة لمقتل القيادي في “القوات اللبنانية” باسكال سليمان على يد عصابة مجرمة من النازحين السوريين، حتى ان كل الملفات السياسية والمعيشية والاقتصادية التي كانت تستخدم غب الطلب، يجري تنويمها.

وبالتالي سيستمر هذا المشهد طويلاً ربما إلى ما بعد فصل الصيف، فما كان مقبولاً أو يمكن القبول به في السابق أصبح حالياً مستحيلاً، صحيح أن الأميركي دخل على خط الرئاسة بصورة قوية، لكن همه الأكبر هو وقف جبهة الجنوب ووضع تسوية شبيهة بالترسيم البحري وتوقيع تفاهم مع اسرائيل عبر الأمم المتحدة يضمن استقراراً بعيد المدى، اما الأسماء فليست مهمة الآن بالنسبة اليه، لكنه لا يسقط الحاجة الى تحضير الأجواء من أجل انتخاب رئيس يواكب التسوية ويوقع الاتفاقات، عندها “لكل إسم حديث”، وهذا هو الربط المباشر الذي لا يعترفون به في العلن، الجنوب أولاً والرئاسة ثانياً والـ ١٧٠١ هو من يرسم الحدود الجنوبية والرئاسية معاً.

اما مبادرة تكتل “الاعتدال” فقريباً تصدر ورقة نعوتها بعد الوصول إلى حائط مسدود في النقطة الخلافية الأساس وهي شكل الحوار وآلية الجلسات. عدا عن أن هوية الرئيس أصبحت مهمة أكثر من أي وقت مضى، وما كان مقبولاً به قبل ٧ أكتوبر أصبح صعباً الآن، والانقسام العمودي تجاوز جغرافيا الحدود إلى ما بعد بعد… ويتخوف المصدر من مرحلة استنزاف مفتوحة تمتد شهوراً وتفتح على كل الاحتمالات، نافياً أن يكون لبنان قد أبلغ عبر القنوات الديبلوماسية أن اسرائيل بنية توسيع ضرباتها حالياً إلى نقاط أوسع في قلب لبنان تتجاوز حدود الاشتباك المعمول بها.

‏وعلم موقع “لبنان الكبير” أن أحدث السفراء الجدد سأل في أحد اللقاءات: كيف كان يحصل الانتخاب في المرات السابقة؟ فقيل له: كان يتفق على الرئيس مع السوريين الذين كانت ورقة لبنان بيدهم منذ اتفاق الطائف. فكان رد فعله طريفاً، إذ ضحك وقال: “إذاً مهمتنا صعبة للغاية”.

شارك المقال