الدور المرتقب للجيش (٢/١)… المطلوب غطاء دولي ومحلي وتحرير الهبات

زياد سامي عيتاني

كل الحركة الديبلوماسية التي يشهدها لبنان منذ الثامن من “أكتوبر”، عندما أعلن “حزب الله” الجنوب لبناني “جبهة مشاغلة” لغزة، تركزت على الدور المرتقب للجيش اللبناني على الحدود مع العدو الاسرائيلي، بعد توقف المعارك، بغض النظر عن الاقتراحات التي قدمت من دول عدة لوقف الأعمال العسكرية، والتي قوبلت برفض من الحزب، الرافض للتفاوض قبل انتهاء الحرب في غزة.

وسط هذا الاصرار على الدور المستقبلي للجيش اللبناني على الحدود الجنوبية، خصوصاً وأن ما يطرح في الكواليس الديبلوماسية، يشير إلى أن يقوم بنشر ١٥ ألف جندي، السؤال الذي يطرح نفسه، هل الجيش “المنهك” داخلياً بحفظ الأمن والاستقرار، في ظل إمكانات مالية أقرب إلى “الصفر”، قادر على القيام بهذا الدور؟

بداية، يجب الإقرار بجرأة وموضوعية، بأن مسألة قيام الجيش بدوره في الجنوب اللبناني بعد توقف المعارك الدائرة، ليست مسألة قدرات وتجهيزات فحسب على الرغم من أهميتها، بل هي مسألة إرادة دولية واضحة وجازمة نحو إستعادة الدولة اللبنانية لأدوارها الحقيقية في حماية أمنها الوطني. وفي حال توافرت الشرعية الدولية والموافقة المحلية على هذا الدور المرتقب للجيش اللبناني، فهل ما يمتلكه من تجهيز وعديد وعدة كافٍ لهذا الدور؟ مع الاشارة في هذا السياق، الى أن الجيش أيضاً مطالب دولياً وداخلياً بحماية الحدود الشرقية من المخاطر لجهة استخدامها في تهريب الأسلحة والمسلحين والمخدرات وتسلل الارهابيين، ولكن التهديد الأكبر يبقى في استخدامها أيضاً في نقل الأسلحة بطريقة منتظمة إلى الجنوب والعمق اللبناني. على الصعيد التقني يمكن الرهان على قدرات الجيش والشرعية الوطنية التي يتمتع بها بالاضافة إلى تجارب عديدة من النجاحات، لكن يبقى الرهان على تزويده بالأسلحة والتجهيزات اللازمة.

في هذا الاطار، لا بد من التذكير بالدور الايراني في تعطيل الهبة السعودية لتسليح الجيش اللبناني، إضافة إلى انتقاد “حزب الله” السلاح الأميركي المقدم للجيش، (سنتوسع في الحديث عنه في الجزء الثاني)، من دون أن نسقط من الاعتبار محدودية التسليح الأميركي للجيش، الذي لم يرتقِ إلى السلاح النوعي، إنسجاماً مع الرغبة الاسرائيلية.

إذاً، الرهان على نجاح الجيش اللبناني في أداء دور أساسي على الحدود الجنوبية، يتوقف على جدية القوى الدولية وفي مقدمها الولايات المتحدة الأميركية للضغط على كل من إسرائيل وإيران لرفع حظرهما عن تزويد الجيش بالسلاح النوعي، وفتح المجال واسعاً لتحرير الهبات المجمدة المخصصة لتسليحه، وأولها الهبة السعودية.

تحقيق الأمن والاستقرار يفترض وجود سلطة مركزية قوية، تعمل في ظل شرعية دولية قادرة على مواجهة التحديات والمخاطر الاقليمية. وهذا لا يمكن أن يتحقق في ظل وجود ميليشيات مسلحة، أقوى عسكرياً وتجهيزاً وتسليحاً من الجيش الشرعي.

شارك المقال