fbpx

الحريديم والتجنيد… أزمة عابرة؟

زاهر أبو حمدة
تابعنا على الواتساب

يتوافق المعارضون والموالون لحكومة الاحتلال على مسألة تجنيد طائفة اليهود الأرثوذكس المتشددين دينياً (الحريديم) في الجيش. فرئيس المعارضة يائير لابيد، يؤكد أن أوامر تجنيد ألف شاب حريدي تنفيذ للقانون و”حاجة أمنية وجودية”. وتعني كلمة “الحريدي” التقي ّويشكلون نحو 13% من عدد السكان، ولا يخدمون في الجيش، ويقولون إنهم يكرّسون حياتهم لدراسة التوراة في المعاهد الدينية، ويعتبرون أن الاندماج بالعالم العلماني يهدد هويتهم الدينية واستمرارية مجتمعهم.

وزادت الضغوط لتجنيد الحريديم بصورة كبيرة من الجيش والعلمانيين الاسرائيليين من أجل توزيع عبء الخدمة العسكرية في ظل استمرار القتال في غزة منذ أكثر من 9 أشهر والتهديد المتزايد باندلاع حرب في الشمال.

ويلزم القانون الاسرائيليين من عمر 18 عاماً بالخدمة في الجيش لمدة تتراوح بين 24 و32 شهراً. وبالفعل، أصدر جيش الاحتلال إخطارات استدعاء للتجنيد لألف من أفراد الحريديم، في خطوة تهدف إلى زيادة قواته لكنها قد تزيد التوتر بين الاسرائيليين المتدينين والعلمانيين.

وكانت المحكمة العليا أصدرت أمراً لوزارة الأمن بإنهاء إعفاء طلاب المعاهد الدينية اليهودية من الخدمة في الجيش. وكان هذا الترتيب قائماً منذ قيام الدولة في العام 1948 عندما كان عدد أفراد الحريديم صغيراً. وعارض الحزبان الدينيان في حكومة بنيامين نتنياهو هذا التحول الجديد، الأمر الذي فرض ضغوطاً شديدة على الائتلاف اليميني لكن لم يفرط عقده. وخشية انهيار ائتلافه الحكومي المنقسم بشأن تجنيد الحريديم، حاول نتنياهو تمرير مشروع قانون قديم يحافظ للحريديم على الإعفاء من الخدمة العسكرية، لكن المحكمة العليا قطعت عليه الطريق بإصدار قرار غير مسبوق، في حزيران الماضي، يقضي بإلزام الحريديم بالتجنيد في الجيش، ومنع المساعدات المالية عن المؤسسات الدينية التي يرفض طلابها الخدمة العسكرية.

وشهدت طائفة الحريديم زيادة سريعة في أعداد المنتمين إليها. ويقول زعماء الحريديم إن إجبار طلبة المعاهد الدينية على الخدمة العسكرية إلى جانب الاسرائيليين العلمانيين، ومنهم نساء، ينذر بتدمير هويتهم الدينية. وحث بعض الحاخامات أفراد الطائفة على حرق أي أوامر استدعاء تصلهم. ودعا الحاخام الأكبر السابق يتسحاق يوسف، الحريديم إلى الاستمرار في رفض التجنيد بالجيش وتمزيق أوامر الاستدعاء للخدمة العسكرية، وفي تسجيل آخر نشره موقع “واينت” الاخباري قال يوسف: “من دون التوراة، إلى أين سنتجه؟ بدلاً من تخصيص المزيد من الميزانيات للمدارس الدينية، يصدرون مسودات إشعارات (أوامر استدعاء للتجنيد)”. وتابع: “أي شخص يتلقى إشعارات يجب أن يمزقها ولا يذهب. إنه مع التوراة (…) ولن يخاف منهم. وإذا أخذوه إلى السجن، فسيذهب معه رئيس مدرسته الدينية”. وفي الواقع، لا يرفض كل أفراد الحريديم الخدمة، وقد أنشأ جيش الاحتلال عدداً من الوحدات المخصصة لهم. واستجاب لأوامر الاستدعاء عدد من أفراد الحريديم ممن لم يطلبوا الإعفاء من التجنيد، وعبّروا عن أملهم في التوصل إلى حل وسط.

ومنذ أشهر، يعاني جيش الاحتلال عجزاً في عدد أفراده؛ ويحاول تعويض النقص من الحريديم. وعلى الرغم من التظاهرات الرافضة للتجنيد ورفض غالبية الحريديم لذلك، إلا أن الأزمة تبدو عابرة ويمكن إيجاد حلول لها على المدى القريب، لكنها على المدى البعيد يمكن أن تشكل شرخاً في مجتمع الاحتلال بين المتدينين والعلمانيين لا سيما وأن الفريقين يرفضان بعضهما بعضاً على المستوى الديني والمجتمعي والسياسي.

إشترك بالقائمة البريدية

شارك المقال