ضربة قاسية تلقاها لبنان والمحور، نسفت مفهوم الأمان الذي كان يتكئ عليه جمهور المقاومة، وحطّمت مخزون المعنويات الذي استعان به أبناء البيئة طوال فترة جبهة الإسناد التي أعلن عنها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، قبل استشهاده بـ 11 شهراً.
28 أيلول، تحوّل إلى يوم مفصلي في مسيرة “حزب الله”، خبر نزل كالصاعقة على كلّ من أحب نصر الله وعرفه عن كثب، ولو اختلف معه في السياسة. وعلى الرغم من أن العلاقات الاعلامية التابعة للحزب نعته ورفاقه في بيان رسمي، إلاّ أن الكثيرين من مؤيديه يرفضون تصديق الخبر حتى اللحظة، متشبثين بخيوط الدخان، منتظرين إطلالته التلفزيونية. ولعل ما عزّز هذا الأمل، الجملة التي قالها السيد في خطابه الأخير، وهي: “الخبر فيما ترون، لا ما تسمعون”، فاعتبرها الجمهور رسالة تضمر معنى مخباً بين سطورها يكذب خبر اغتياله، لا بل ذهب البعض إلى أبعد من ذلك، وهو أنه لن يصدّق حتى يرى جثمانه بعينيه، وحتى اللحظة لم يحدد موعد التشييع بسبب الأوضاع الأمنية التي فرضتها الغارات الاسرائيلية التي تبحث عن المزيد من الأهداف.
كيف قضى نصر الله والقادة الثلاثة الذين أعلن عنهم؟
في اللحظات الأولى التي استهدف فيها سلاح الجو الاسرائيلي منطقة حارة حريك، أعلن أن الهدف هو الأمين العام، وأن عملية الاغتيال تمّت بنجاح، وقوبل ذلك بصمت ثقيل من الحزب، حمل العديد من التفسيرات.
واتجهت أصابع اتهام بعض المؤيدين إلى إيران بأنها السبب وراء الخرق الأمني الذي تعرضت له المجموعة، لأن خرقاً من هذا النوع لا يمكن أن يقف خلفه مجرد أفراد، أو اختراق لأجهزة تكنولوجية من المعروف أن السيد لا يتعامل بها، معتبراً أن إيران “باعت” السيد، من أجل الحصول على الاتفاق النووي.
كما تبنى المؤيدون فكرة أن ايران ورّطت الحزب والسيد في جبهة “الإسناد” وانسحبت بحثاً عن مصالحها، وعندما نقول مؤيدون، لا نعني فئة صغيرة، بل موجة لتخوين الجمهورية الاسلامية ركبها الكثيرون عن قناعة، خصوصاً أن الجمهور خُذل بعدما ظن أن استهدافاً من هذا النوع يجب أن يمحو الكيان الاسرائيلي بصواريخ إيران في اللحظة نفسها.
ومن القراءات التي قدمها البعض هي أن السيد في خطاباته الأخيرة بدا مخذولاً، وكأنه يعلم أن ايران انسحبت وبقي وحيداً، كما أنه لمّح إلى ذلك في خطابه الأخير، مشيراً إلى أن الحزب تعرض لضربات أمنية، ولا سيما بعد حصول مجزرة “البايجر”.
ونقل بعض الصحف عن مصادر أمنية لبنانية أن إسرائيل حصلت على معلومات حساسة من خلال عميل إيراني، أشارت إلى وجود الأمين العام لـ “حزب الله” في الضاحية الجنوبية لبيروت قبيل اغتياله يوم الجمعة الماضي. ووفقاً لهذه المعلومات، قامت إسرائيل بشن ضربات جوية على المنطقة، ما أدى إلى استشهاد نصر الله.
وبحسب المصادر، فإن المفاجأة الأكبر في عملية الاغتيال تكمن في الدور الذي لعبه العميل الايراني، إذ تمكن من اختراق الدائرة الداخلية لـ “حزب الله” وإيصال معلومات دقيقة حول تحركات نصر الله الذي كان في بيروت يوم الجمعة للمشاركة في جنازة محمد سرور المسؤول في الحزب.
ويُعتقد أن هذا الاختراق الذي قام به العميل الايراني هو ما ساعد الاسرائيليين في توقيت الهجوم بدقة شديدة لضمان وجود نصر الله في المجمع السكني في حارة حريك لحظة القصف، وفقاً للصحيفة الفرنسية.
وإلى أن يتم تحديد موعد التشييع الذي لن يرضى جمهور المقاومة أن يكون دون المستوى، فسنسمع عشرات الروايات الأخرى.