رفض كامل لطلب قرداحي كمّ الأفواه

آية المصري
آية المصري

بعد حديث وزير الإعلام في حكومة نجيب ميقاتي، جورج قرداحي، ودعوته وسائل الإعلام لعدم استضافة سياسيين وإعلاميين محليين يبشرون لبنان بالجحيم، بدأ القلق يهيمن على الصحافيين والاعلاميين الرافضين لمجيء وزير يهدد حرياتهم، ويحجب حرية الرأي والتعبير التي يتميز بها لبنان وبخاصة إعلامه، فعمّت المنشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي الرافضة لما جاء عن لسان وزير الاعلام.

فلا أحد بإمكانه إسكات صوت الحق والسلطة الرابعة، ولا يحق لأحد فرض سياساته وآرائه على وسائل الإعلام وهي وحدها من تحدد ضيوفها ومواضيعها. فما رأي نقابة الصحافة وعميد كلية الإعلام والصحافيين والاعلاميين من كلام قرداحي؟ وماذا ينتظر الاعلام اليوم بخاصة بعد مجيء قرداحي؟ وهل هذا الكلام يُبشر بالخير؟ أم خانه التعبير اذا صح التعبير؟

صولاج: لا قرداحي ولا الأكبر منه يستطيع قمعنا

يؤكد نائب نقيب الصحافة ورئيس تحرير جريدة الجمهورية جورج صولاج لموقع “لبنان الكبير” أن “كلام الوزير قرداحي لا يُبشر بالخير، والحمدلله انه لا يملك الوقت الكافي لكمّ الأفواه، فلا هو ولا الأكبر منه يستطيع كمّها”. ويضيف صولاج: “أول دخولو شمعة عطولو، يجب على اي صحافي ان لا يتخوف من كلام الوزير، فلا أحد يقدر على تحجيم الاعلام في لبنان. وبغض النظر عن اتجاهاته السياسية فمن حق أي إنسان أن يملك الرأي والموقف السياسي لكن الحرية لدينا مكرسة في الدستور، ووسائل الاعلام لا أحد في العالم بإمكانه تدجينها او الهيمنة عليها. أما عن حديث قرداحي فمن الممكن أن يكون متحمساً للعمل وكلامه من المفترض أنه يشبه التمني والذهاب نحو التفاؤل وليس التشاؤم، وعليه ان يعلم أن الذي استخدم تعبير جهنم ليس الاعلام”. 

صدقة: قرداحي غير معتاد على الكلام الرسمي

ويوضح عميد كلية الإعلام جورج صدقة لـ”لبنان الكبير” أنه “يعتقد ان الوزير قرداحي غير معتاد على الكلام الرسمي، ما زال يتحدث كأنه يخاطب من في المنزل وأصدقاءه. وبالتالي لكونه وزيراً للإعلام عليه التنبّه لكل كلمة وماذا تحمل في طياتها من معانٍ وأبعاد. واذا أردنا تفسير كلامه حرفياً، طبعا كل كلمة تؤخذ عليه فكأنه يقول لوسائل الاعلام لا تسلطي الضوء الا على المواضيع الايجابية أما السلبية فلا تتحدثي عنها، وطبعا هذا ليس وظيفة الاعلام، فنحن نعرض الايجابي والسلبي والحقائق والوقائع للجمهور كما هي، كي يقوم الأخير ببناء رأيه انطلاقاً من معطيات موضوعية”.

ويشدد صدقة على انه “في المقابل لا يمكننا أن ننسى العدد الكبير من الاعلاميين الذين يتصرفون على طريقة ميشال حايك، بالتوقعات والتحليلات غير المرتكزة الى وقائع حقيقية، وهذه غير مستحبة في وسائل الإعلام”. ويتابع: “لا يمكننا أن نحكم على نيات قرداحي فلم يتسلم مهامه بعد، نحن نريد أن نحكم على كيفية إدارته لوسائل الاعلام العامة، وكيفية إدارته للشأن العام ومدى احترامه للحريات العامة، وهل سيتمكن من إعطاء لبنان وجهه الحقيقي الذي يعكس الحرية؟ سنحكم عليه من خلال أفعاله قبل أن نستبق الأمور”.

الإعلاميون: لا يحق لأحد قمعنا

بالنسبة للاعلامي يزبك وهبه، “الوزير قرداحي، اعلامي كبير ويعلم جيداً أن لبنان والحرية توأمان لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر، ومن حق كل مؤسسة اعلامية ان تستقبل من تريد من ضيوف وسياسيين، وكل شخص يتكلم عبر اي محطة او وسيلة اعلامية يكون مسؤولاً عن كلامه، ونحن كاعلاميين لا يمكننا تفضيل الضيوف المتحدثين بالمواضيع الايجابية ونحجب الضيوف الآخرين”. ويتابع وهبة: “وانا كوهبة أفضل الأشخاص المتحدثين بالايجابية، لكن الأهم التركيز على الموضوعية ونقل الواقع كما هو للرأي العام. وكنت أتمنى على الوزير عدم قول هذا الكلام فهو استاذ عريق في الاعلام وبدأ مسيرته المهنية منذ زمن طويل. ولا أعتقد أنه خانه التعبير وعليه التوضيح في أقرب وقت ممكن فهو يعلم جيداً ان لبنان بلد الحريات”.

ويلفت الاعلامي بسام أبو زيد إلى أن “وزارة الاعلام تعنى بوسائل الاعلام الرسمية، وهناك قانون موجود للاعلام والذي يخالفه فالمجلس الوطني للاعلام هو الجهة المخولة محاسبته وأخذ التدابير اللازمة بحقه، أو تتم إحالته على محكمة المطبوعات. لكن لا أحد بإمكانه أن يفرض على وسائل الإعلام من تستقبل من ضيوف فهذا أمر مرفرض”. ويقول أبو زيد: “لا أقول ان وزير الاعلام ليس مهنياً فهو اعلامي وخاض العمل الصحافي منذ زمن ويعلم جيدا معنى الحرية ومدى أهميتها في عالم الصحافة وبخاصة الحرية الاعلامية وحرية الرأي والتعبير في لبنان، ولا يمكننا منع وحجب الهواء عن الأشخاص التي تملك رأياً معارضاً لرأي الوزير، أعتقد، بحسب رأيي، من الممكن أن يكون هناك وزراء يجب حجب الهواء عنهم فمن يعلم؟”.

ويختم: “لا أعتقد أن التعبير خان الوزير لكن اعتقد ان حماسته للعمل سيطرت عليه، ويريد إظهار الصورة الجميلة للبلد، من دون أي خبر يوتّر الأجواء ولا أعتقد أنه سيكون أداة بيد اي سلطة لقمع الاعلام”.

اذاً، لا أحد يتهم قرداحي بقلة المهنية لكن الصحافيين ينتظرون عمله ليُبنى على الشيء مقتضاه، لكن الأكيد أن الاعلامي الذي مارس مهنة المصاعب لا يمكنه ان يفرض على وسائل الإعلام ما يحب وما يكره.

شارك المقال