“فيسبوك”: هل فات الأوان بالفعل على “ميتا”؟

حسناء بو حرفوش

بالتزامن مع الإعلان عن تغيير اسم الشركة المالكة لـ”فيسبوك” (Facebook) وتطبيقات أخرى متصلة إلى “ميتافيرس”، وتصاعد الجدل على خلفية تسريبات فرانسيس هوغن، الموظفة السابقة لدى الشركة، ركّزت الصحافة العالمية على تأثير هذه التطبيقات في المستخدمين وأصداء الإعلان الجديد. وبينما نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” (Wall Street Journal) التي خصصت مجموعة لـ”ملفات فيسبوك”، عن تضرّر أكثر من 360 مليون مستخدم بأشكال مختلفة وعن مساعي الشركة للاحتواء والتحسين، اعتبر موقع مجلة “وورث” (Worth) الأميركية، أنّ “الأوان فات بالفعل لطرح مشروع (ميتا)”.

البداية من القراءة للنقلة النوعية في “فيسبوك” التي غيّر مارك زوكربيرغ تسميتها إلى “ميتافيرس” في تجربة ربطها بالجمع بين الواقع الافتراضي والتجارب الحقيقية، وافتتاح سلسلة من المتاجر لبيع منتجات جديدة من نوعها. فكيف هي أصداء هذا الإعلان؟

حسب “وورث”، “سيقف الافتقار إلى الرؤية والمنافسة الكبيرة عائقاً بين “ميتا” وهدفها النهائي (…)، ويراهن زوكربيرغ على ما يبدو، من خلال هذا المشروع على مستقبل شركته التي تبلغ قيمتها تريليون دولار. وذلك لأنّ الخطة المطروحة لا توضح أكثر من الشعار الجديد، لكن ماذا عن خطة الاستدامة والنجاح؟ كيف ستولد اهتمام المستهلك بتجربة “ميتافيرس” وكيف ستعيد تركيز الحصة السوقية وهيمنة السوق على غرار “فيسبوك” خلال فترة صعوده السريع؟ وكيف ستواجه التهديدات، سواء من خلال الاستحواذ أو الابتكار، كما فعل عملاق الوسائط الاجتماعية مع تطبيقي “إنستغرام” و”سناب شات”؟ أسئلة تبقى بلا إجابات واضحة، بالإضافة إلى تحديد كيفية تسويق “ميتافيرس” للمعلنين، وهو أمر أساسي في الربحية.

(…) تضاف إلى ذلك إشكالية جديدة تتعلق برغبة العلامات التجارية والمعلنين الذين يقودون أرباح “فيسبوك” في الانخراط بالتجربة بشكل أكبر وصولاً للتحكم بها، وهو ما لم يستطيعوا القيام به في حالة وسائل التواصل الاجتماعي (…)، والتي بسط زوكربيرغ سلطته عليها بواسطة الخوارزميات، ولذلك يفضلون “ميتافيرس” أكثر تفككاً (…). وبالتالي، في حين أنّ رؤية زوكربيرغ لتوحيد تجربة “ميتا” تحت مظلة واحدة مرشحة للفشل، لن يفشل مستقبل “ميتا” تماماً كما حدث مع فكرة الطباعة ثلاثية الأبعاد قبل عقد من الزمان (…)، والتي غيّرت اليوم منظورنا لاستخدام الأدوات (…). كما أنه في الجانب المشرق، تتضح الفوائد حتى في حالة “ميتافيرس” المفككة، على غرار التأثير البيئي الإيجابي لتخفيض السفر التجاري، وتحقيق التوازن بين العمل والحياة المكتسبة من خلال عدم الاضطرار للتنقل من أجل رحلة عمل أو المشاركة في هذا الاجتماع الكبير.

ملايين المتضرّرين ومساعٍ للحل

أما مقال صحيفة “وول ستريت جورنال” الذي نُشر ضمن مجموعة “ملفات فيسبوك”، فيبدو أقل إيجابية من خلال مشاركة معلومات حول تعرّض ملايين المستخدمين للتضرّر بسبب ترويج الخوارزميات لمحتوى مرفوض أو ضار، وتأثيرات التطبيق في النوم أو العمل أو العلاقات أو الأبوة والأمومة لنحو 12.5% من المستخدمين، الذين أفادوا بشعورهم بأنّ “فيسبوك” يمثّل مشكلة أكبر من وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى. وأظهرت البحوث التي قامت بها الشركة أنّ “1 على 8 من كل مستخدم انخرط في الاستخدام القهري لوسائل التواصل الاجتماعي بشكل أثر في النوم أو العمل أو العلاقات الأسرية (…) في أنماط تعكس ما يُعرف شعبياً بعبارة “إدمان الإنترنت” (…). وإذ ركز فريق “فيسبوك” على رفاهية المستخدم مع الاعتراف بمحاولة اجتذابه للعودة في كل مرة، اقترح مجموعة من الإصلاحات التي نفذت الشركة بعضها، مثل الميزات الاختيارية لتشجيع الاستراحة من وسائل التواصل الاجتماعي (…)، والجهود لمعالجة ما تسميه الاستخدام الإشكالي إلى جانب مخاوف أخرى تتعلق بالرفاهية، مثل الصورة والصحة العقلية (…). ووثّقت سلسلة ملفات “فيسبوك” أنّ الشركة تعرف كيف تتعرّض المنتجات والأنظمة الأساسية لنجاح أعمالها للفشل بشكل روتيني وتتسبب بالضرر (…). وأطلق البحث حول استخدام الوسائط الاجتماعية الذي قد يؤثر سلباً في حياة الأشخاص اليومية منذ سنوات بهدف التخفيف من السلوك الضار الذي ترصده الشركة بشكل متزايد على منصاتها، كافتقار بعض المستخدمين إلى التحكم في الوقت الذي يقضونه على المنصة ومعاناتهم من مشاكل حياتية نتيجة لذلك (…). وهي تشمل فقدان الإنتاجية حيث يتوقف الأشخاص عن إتمام مهامهم للتحقق من “فيسبوك” بشكل متكرر، ويعانون الأرق بسبب تصفّح التطبيق حتى وقت متأخر وتدهور العلاقات الشخصية وتركيز الآباء على التطبيق أكثر من اهتمامهم بأطفالهم أو الارتباط بهم، وفي أحيان أخرى اعترف المستخدمون بتصفح “فيسبوك” حتى في الحمام وبفقدان حس الوقت.

وأشار الباحثون في الوثائق التي لا تحدّد السببية، إلى أنّ معظم مستخدمي “فيسبوك” يستخدمون بشكل إلزامي العديد من تطبيقات الوسائط الاجتماعية، بما في ذلك “إنستغرام” و”واتساب”، المملوكة أيضاً لشركة “ميتا”، إلى جانب “تويتر” و”سناب شات”. وأشار الباحثون إلى بعض الجوانب المزعجة بالنسبة للمستخدمين على “فيسبوك” ولمستخدمي الهواتف الذكية، مثل الشعور بالضغط للرد على الرسائل والبحث المتكرر عن محتوى جديد (…). كما كتب الباحثون عن امتلاكهم لفهم أكثر تفصيلاً لجوانب “فيسبوك” التي أثارت المشاكل، والتي تشمل تلقي الكثير من الإشعارات ومقاطع الفيديو التي تشغل تلقائياً وعدم اليقين بشأن المنشورات التي تظهر من الأشخاص الذين ربما لا يريدون متابعتهم، أو المحتوى سريع الزوال الذي يشعر المستخدمون بضرورة مشاهدته قبل اختفائه، من بين أمور أخرى. وقدّم “فيسبوك” وثيقة بحث ذات صلة، عرفها الباحثون بمحاولة إعادة التفكير في مناهج صناعة سلوكيات المشكلة. وطرحت الشركة جملة من الأفكار للإصلاحات مثل التنبيهات لتذكير المستخدمين بأخذ استراحة من “فيسبوك”، والإشعارات التي يتلقاها المستخدمون ووضع إخبار “فيسبوك” الهادئ الذي يتوخّى عدم إظهار أنواع معينة من المحتوى قبل النوم، ووضع الصامت (…)، بالإضافة إلى إمكان لجوء المستخدم لأداة إلغاء متابعة الحسابات يدوياً”.

المصادر:
worth
wsj

شارك المقال