الألعاب النارية في رأس السنة… لطرد الأرواح الشريرة!

زياد سامي عيتاني

في ليلة رأس السنة وتحديداً منتصف الليل، تحتفل دول العالم بقدوم عام جديد، وتشترك جميع العواصم تقريباً في إشعال الألعاب النارية، وإبهار المواطنين بالاستعراضات التي تقام، بحيث تشتعل سماؤها بهذه الألعاب، التي تخطف أنظار المواطنين، الذين يتوافدون إلى الساحات العامة حيث تقام العروض النارية.

وتتسابق عواصم العالم على تقديم أكبر العروض وأضخمها وأكثرها تمايزاً، خصوصاً لندن، باريس، سيدني، طوكيو، دبي، وغيرها… وذلك لاعطاء صورة إيجابية عن مكانتها عالمياً، خصوصاً وأن أهم المحطات الفضائية تغطي هذا الحدث من مختلف البلدان، كما أن شركات عالمية متخصصة تجري سنوياً تقويماً لتحديد أهم وأضخم عرض وأكثره تمايزاً وإبتكاراً.

طائرات بدون طيار للألعاب النارية:

في السنوات الماضية، أضيفت إلى الألعاب النارية، تقنية جديدة تتمثل في إستخدام الطائرات بدون طيار في عروض ضوئية. لكن هذا التطور الذي أضيف لاضاءة السماء ليلة رأس السنة، أثار جدلاً واسعاً، بحيث إعتبر البعض أنه باهت، في حين أن البعض الآخر رأى فيه تطوراً بارزاً، سوف يتزايد تباعاً. وهناك من أشار إلى فوائد للطائرات بدون طيار فهي لا تصدر إنبعاثات، وقابلة لاعادة الاستخدام، وليست هناك أية تداعيات أو حطام.

في المقابل، لا يتفق الجميع مع هذا الرأي، إذ قال متحدث باسم جمعية الألعاب النارية البريطانية إنَّ الطائرات بدون طيار يمكن أن تسبب أيضاً مشكلات بيئية، معتبراً أن ثمة مخاوف كبيرة بشأن الطلب على الكهرباء وإستخدام بطاريات الليثيوم التي من المعروف أنها ليست صديقة للبيئة.

أياً تكن الآراء، فإن الألعاب النارية باتت تعمل جنباً إلى جنب مع الطائرات بدون طيار، ولكن أحدهما قد لا يحل محل الآخر على الإطلاق، إذ أن الألعاب النارية تعطي صوتاً مؤثراً عالياً، وعرضاً ضخماً، بينما تتيح الطائرات بدون طيار الفرصة لرواية القصص في السماء بإستخدام سلسلة من الصور.

إبتكار صيني لطرد الأرواح الشريرة:

بالعودة الى الألعاب النارية التي تستخدم خلال الاحتفالات الضخمة والمناسبات، كمصدر للبهجة والفرح، فربما تجهل غالبية الناس، أن الصينيين هم أول من إستخدموها في القرن السابع الميلادي، إعتقاداً منهم بأنّها تطرد الأرواح الشريرة وتجلب الحظ السعيد. وذُكر في كتاب الفنون القتالية الصيني “هيو لونغجينغ”، أنّ الصين إستخدمت تلك الألعاب في الحروب كوسيلة من وسائل تشتيت إنتباه الخصم وتفرقة صفوفه.

ومنذ العام 960 حتى 1279، أصبحت الألعاب النارية جزءاً من التجارة الداخلية، وفي العام 1110، استُخدمت أثناء العرض العسكري السنوي، إلى أن أضحت جزءاً لا يتجزّأ من الاحتفالات الشعبية الصينية. ولا تزال واحدة من أركان الاحتفال برأس السنة الصينية أو مهرجان القمر، لذلك تُعدّ الصين حالياً أكبر مصنّع ومصدّر لها في العالم.

إنتقالها إلى العالم العربي وأوروبا:

في القرن الـ13، انتقلت الألعاب النارية إلى العالم العربي، ووصفها الكيميائي السوري حسن رماح في أحد مخطوطاته بـ “الأزهار الصينية”. ثم وصلت إلى أوروبا في منتصف القرن الـ17، وقال السفير الروسي في الصين في ذلك الوقت ليف إزمايلوف، إنّ الصينيين يصنعون ألعاباً لم يرها أحدٌ في أوروبا. وفي العام 1747 ميلادية، طالب رجل السياسة والعسكري الفرنسي أميدي فرانسوا فريزييه بضرورة استخدامها في أغراض التسلية والاحتفالات.

الصين المصدّرة الأولى:

تتربّع الصين على قائمة الدولة المصدّرة للألعاب النارية، تليها الهند، وبعض الدول الآسيوية، ومن ثمّ المكسيك، وصولاً إلى أوروبا، حيث تزدهر تجارتها في ألمانيا وبريطانيا.

ووفق الأرقام الصادرة عن trading economy فإنّ الصين تمكّنت من التربّع على عرش تصدير الألعاب النارية منذ العام 2000، وتُعدّ مدينة يويانغ، في مقاطعة هونان من أهم المدن عالمياً التي تصدّرها، حيث تنتشر مصانع الألعاب النارية والمفرقعات. وسنوياً يتمّ تصدير ما بين 200 ألف طن و500 ألف طن منها إلى جميع أنحاء دول العالم.

أبرز العروض العالمية:

في ما يلي أبرز وأشهر المدن التي تمتاز بعروض الألعاب النارية التي تقيمها إحتفالاً بليلة رأس السنة:

– سيدني: تعد مدينة سيدني الأسترالية أولى المدن التي تبدأ بالإحتفال قدوماً بالعام الجديد، وتقدم سنوياً عروضاً نارية مذهلة، تستخدم فيها مئات الكيلوغرامات من المفرقعات، وغيرها من التأثيرات السمعية والبصرية لإبهار العالم بقدوم العام الجديد. وتشير تقارير صحافية إلى أن سيدني، تبدأ بالتحضير للإحتفالات قبل أشهر، بحيث تستخدم وسائل التكنولوجيا لإشعال المفرقعات النارية، وغيرها من الألعاب البصرية والسمعية.

يذكر أن سيدني تحتفل سنوياً بإطلاق أكثر من 11 ألف قذيفة جوية، وإطلاق نحو 40 ألف نوع من المذنبات والألغام النارية، بتكلفة مالية تصل إلى 6 ملايين دولار تقريباً.

– لندن: تقام الألعاب النارية منتصف ليلة رأس السنة فوق نهر التايمز، وتشير الأرقام الرسمية إلى أن لندن تتكبد سنوياً مبالغ ضخمة، وبحسب تقرير صادر في مجلةtime out ، فإن تكاليف إضاءة السماء ولمدة 11 دقيقة تصل إلى أكثر من 4 ملايين دولار، وهو رقم يرتفع سنوياً. ويتم خلال الحدث إطلاق أكثر من 400 نوع مختلف من الألعاب النارية لخلق أكثر من 10 آلاف إنفجار ناري.

– باريس: يحتشد الملايين في العاصمة الفرنسية باريس للاحتفال بقدوم العام الجديد. وتصل تكلفة الاحتفالات ليلة رأس السنة بالقرب من برج إيفل، إلى 500 ألف يورو، ما يقارب 592 ألف دولار تتوزع بين مفرقعات نارية، ومؤثرات صوتية وبصرية.

دبي تنضم الى العالمية:

إنضمت مدينة دبي من خلال عروض الألعاب النارية إلى أبرز المدن الغربية، حتى يمكن القول إن عروضها باتت تضاهيها. فالإمارة تستقطب مئات الآلاف من الزوار كل عام، كما يتابعها أكثر من 3 مليارات شخص حول العالم بواسطة البث المباشر، ما جعلها واحدة من أكثر إحتفالات ليلة رأس السنة مشاهدة في العالم، ما يعزز مكانتها السياحية عالمياً.

وعادة ما يضاء برج العرب بأجمل عرض لأضواء الليزر والموسيقى، ليتحول إلى منارة للأمل والسعادة والتناغم إيذاناً بدخول العام الجديد.

ويتكامل عرض الليزر المذهل على واجهة برج العرب مع عرض رائع للألعاب النارية يضيء سماء وسط مدينة دبي لاستهلال العام الجديد بحماس، علماً أن إحتفالات رأس السنة في دبي التي إنطلقت عام 2010، أصبحت جزءاً أساسياً ومبهراً من الاحتفالات العالمية التي يشاهدها الناس من مختلف أنحاء العالم.

شارك المقال