القطاع الصحي… لا حلحلة جدية وإلى الأسوأ في 2023

تالا الحريري

انتهى عام 2022 حاملاً معه أزمات كثيرة انعكست سوءاً على القطاع الصحي في لبنان، وكما بدأ الوضع في 2019 أكمل بالمنحى نفسه، لا بل أصبح أسوأ. إنهارت الليرة وخرب إقتصاد لبنان، وإستطاعت معظم القطاعات الصمود وبعضها اتجه الى الدولرة أو الاعتماد على سعر السوق السوداء، أمّا القطاع الصحي فلم يستطع لا إنقاذ نفسه ولا الناس والمرضى، الذين عجزوا كذلك عن الحصول على الدواء أو تلقي العلاج، وكانت المستشفيات هي المتضرر الأول.

عبد الله: القطاع الصحي يعاني أزمة عضوية

وفي قراءة لوضع القطاع الصحي في لبنان خلال سنة 2022، قال رئيس لجنة الصحة النيابية النائب بلال عبد الله لـ”لبنان الكبير”: “شهدنا تراجع أداء النظام الصحي بسبب الأزمة الاقتصادية المالية ووقف الاعتمادات لتغطية التعرفات المطلوبة للاستشفاء وتغطية الفاتورة الدوائية، وهذا لامس كل عائلة في لبنان. أعتقد أنّه في الموازنة التي أقرت صار هناك القليل من التعويض في سقوف التغطيات الاستشفائية، لكن هذا يبقى غير كافٍ بسبب الاستمرار في انهيار سعر صرف الدولار والتفاوت الكبير في كلفة الاستشفاء والتعرفات الموجودة في المؤسسات الضامنة. أضف إلى ذلك، أن الاعتمادات المخصصة لشراء أدوية الأمراض المستعصية والمزمنة غير كافية، أي مع كل الجهود التي يقوم بها وزير الصحة لايصال الدواء الى المريض ومنع التسرب والتهريب لا يزال هناك نقص في السوق”.

وأكد أن “القطاع الصحي يعاني أزمة عضوية مرتبطة بالأزمة الاقتصادية وهجرة الأطباء والممرضين، فالمستشفيات والأطباء متضررون أكثر بكثير من الناس. والممرض ليس كموظف الدولة اذ لا يمكنه أن يحضر يومين ويغيب وقد تراجع البدل كذلك”.

وأشار عبد الله إلى وجوب “أن نسارع ونساعد لايجاد حلول، ونحن كلجنة صحة نيابية نعمل على إيجاد حلول بالتعاون مع وزارة الصحة والضمان والتعاونية وكل الجهات الضامنة. تقدمنا بقانون في مجلس النواب، قرض البنك الدولي بـ 25 مليون دولار استشفاء وهذا بصورة مؤقتة فكل التدابير مؤقتة”، موضحاً أنه لا يتوقع حلحلة جدية من دون حلول سياسية واقتصادية.

عراجي: الاستشفاء بات للأغنياء

أما النائب السابق الدكتور عاصم عراجي فلفت في حديث لـ”لبنان الكبير” الى أنّ “تدهور القطاع الصحي بدأ منذ بداية العام 2019 وظهرت جائحة كورونا التي زادت الطين بلة إلى جانب إنهيار الليرة اللبنانية مقابل الدولار، وهذا ما كان له التأثير الأسوأ على القطاع الصحي. يعني نحن في إنحدار تدريجي ووصلنا الى شبه انهيار القطاع الصحي، ومن الممكن أن نصل الى مرحلة لا نجد فيها دواء للأمراض السرطانية أو دواء مناعة، اذ أن هناك الكثير من الأدوية مقطوعة كما أنّ المريض غير قادر على الدخول إلى المستشفى”.

وقال: “إنّ الاستشفاء بات للأغنياء، فوزارة الصحة كانت سابقاً تغطي المريض ويدفع فروقاً 15% للوزراة و10% للضمان لكن الآن صار العكس. المستلزمات الطبية تُباع بأسعار غالية جدّاً وعلى الدولار. نحن في وضع سيء، وصار المواطن ذو الدخل المحدود أو الامكانية المحدودة يحتاج الى بيع شيء من ممتلكاته كي يدخل الى المستشفى”.

وذكر عراجي بأن “منظمة الصحة العالمية حذرت من الأدوية الملوثة في لبنان واليمن وبالتالي سيصبح وضعنا كوضع اليمن، بعد أن كان لبنان رائداً في الطبابة والاستشفاء في الشرق الأوسط لكن بتنا الآن في وضع مزر جداً”.

ورأى أنّ “لا انفراجات أو حلحلة في هذا القطاع، فالأدوية لا تزال مقطوعة وخصوصاً الأدوية السرطانية، والمريض غير قادر على تحصيلها ولا يتمكن من شرائها بسبب الأسعار والناس مجبرة على أن تدفع لأن هذه صحتها في النهاية. الطبقة الوسطى صارت كلها فقيرة وحسب آخر معطيات المنظمات الدولية، حوالي 75% من الشعب اللبناني صار تحت خط الفقر، وطالما انهيار الليرة مستمر فسيبقى الوضع على ما هو عليه. لا حلحلة في الوقت القريب طالما الوضع سيستمر كذلك، ولو لم يكن هناك بعض المغتربين الذين يرسلون الدولارات الى ذويهم لما كان أحد إستطاع شراء الدواء”.

أضاف: “كل شيء يحلّق، الدولار وكلفة المستشفيات والأدوية والمستلزمات الطبية، فكيف سيتحسن الوضع؟ أي لا يمكننا لوم وزارة الصحة ففي النهاية ليست من تحدد سعر صرف الدولار، الحكومة عموماً من المفترض أن تتخد اجراءات بالنسبة الى الدولار والوضع الاقتصادي. وقد خسرنا عدداً كبيراً من الممرضات والعاملين في القطاع الصحي ذوي الخبرة الطويلة وخسرنا حوالي 3000 طبيب، فحتى لو صار هناك إنهيار في أي دولة في العالم يجب على الدولة أن تبقى تساعد الناس والقطاع الاستشفائي”.

عاشور: القطاع الصيدلي يعاني كما الطبي

وشدد الصيدلي رامي عاشور على أنّ “القطاع الصيدلي يعاني كما القطاع الطبي والأزمة من سيء إلى أسوأ، فلا أدوية متوافرة ولا حليب أو لقاحات للأطفال أو حتى أدوية وحقن لمرضى السكري. بات هناك القليل من الانفراجات هذه السنة لناحية رفع الدعم، فتتأمن الأدوية شيئاً فشيئاً، ولكن وقعنا في مشكلة عدم قدرة المواطنين على الشراء. كما أنّ هناك موضوع تهريب الأدوية التي تصل إلى لبنان، إلى جانب الأدوية المزورة وأنا أعتقد أنّ الوضع سيسوء أكثر في السنة الجديدة”.

وبخصوص موضوع الحليب، أشار الى أنّ “مصرف لبنان كما يقال لا يوقع حتى يستطيع إحضار الحليب”، آملاً في السنة الجديدة “أن يجدوا حلولاً للأدوية المهربة والمزورة ودعم الأسعار قليلاً حتى يكون لدى الناس القدرة الشرائية، والشيء الأهم توفير حليب الأطفال لأنّ أزمة الحليب في البلد مخيفة”.

شارك المقال