فنانو زمان يحيون رأس السنة بالمقالب الطريفة

زياد سامي عيتاني

إعتاد أهل الفن في الزمن الجميل الاحتفال برأس السنة على طريقتهم التي تختلف جداً عن أيامنا، بحيث كان الجميع يحتفلون بنهاية عام من العمل الشاق، يكونون قد تسابقوا فيه على تقديم أروع أعمالهم الفنية على إختلافها.

لذلك، كان إحتفال رأس السنة كل عام يجمع نخبة من نجوم الفن، الذين يحتفلون بهذه الليلة على طريقتهم الخاصة، التي تمتلئ بمظاهر المرح والسعادة وخفة الدم، من دون أن تخلو من المواقف والطرائف والمقالب المضحكة والساخرة، التي كانوا يتبادلونها في ما بينهم.

ففي الماضي كانت إحتفالاتهم بسيطة، بعيدة عن الصخب والمبالغة بخلاف وقتنا الحاضر، وتتميز بالعفوية والهدوء، وتقتصر على إلتقاط الصور من دون الالتفات الى شيء، إذ أن الهدف منها هو الاستمتاع فقط. فكانت ليالي جميلة تزيد المودة والترابط بين نجوم الفن، ليثبتوا لكل محبيهم أنهم على الرغم من المنافسات الفنية الشديدة أصدقاء وأحباب.

وللاضاءة على تلك الاحتفالات، نستعيد كيف كان فنانو الزمن الراقي والجميل يحتفلون بهذه الليلة على طريقتهم الخاصة، وذلك بالعودة إلى أرشيف عدد من المجلات القديمة التي نشرت لقطات وصوراً نادرة لهم في حينه:

الانكليز أفسدوا بذلة حسن فايق:

من بين المواقف ما حدث للفنان الكوميدي حسن فايق الذي عرف بضحكته الشهيرة المميزة، حين كان يسير في ليلة رأس السنة عام 1941 متجهاً إلى عمله في فرقة الريحاني، وكانت الشوارع مليئة بالجنود الانكليز، الذين كانوا جميعاً في حالة سكر شديد.

وكان حسن فايق يرتدي بذلة جديدة إحتفالاً بليلة رأس السنة، ولكن إلتف حوله الجنود الانكليز وأخذوا يرقصون ويغنون وفي أيديهم زجاجات البيرة، فاضطر الى مجاراتهم في الرقص والغناء حتى يفلت منهم، ولكنهم فتحوا زجاجات الخمر وتسابقوا في رشها عليه، حتى إبتلت بذلته الجديدة تماماً، وأفلت منهم بأعجوبة.

ودخل فايق مسرح الريحاني وهو بهذه الحالة المزرية فتأفف منه زملاؤه، اذ كانت تفوح منه رائحة الخمر بشدة، وقال له الريحاني: “إيه ده يا أبو علي انت بقيت خمارة متحركة”. وهكذا أفسد الاستعمار بذلة حسن فايق وفرحته بليلة رأس السنة.

وداد حمدي تتنكر بـ “الملاية”:

ارتدت الفنانة وداد حمدي في حفلة ليلة رأس السنة أيام الزمن الجميل، ملابس تنكرية شعبية عبارة عن “جلباب ومنديل بقوية وملاية لف” مثلما تظهر في أفلام الأبيض والأسود.

والتقطت صورة نادرة لها بالألوان وهي تحتفل بهذه الليلة مرتدية الملابس الشعبية وقبعة “الكريسماس” وتلعب بـ “الزمارة”.

منافسة بين صباح وشادية على الديك الرومي:

كانت المنافسة بين الفنانتين من نوع خاص بحيث عرفتا بإتقانهما طهو الطعام، والفنانة صباح مشهورة بين الفنانين بطهوها الديك الرومي على الطريقة اللبنانية، وكانت تحضر له بهارات خاصة من لبنان وتقوم بطبخه مرة واحدة في السنة فقط، وأرادت الفنانة شادية أن تنافسها في عام فقامت بطهو ديك رومي وأحضرته إلى بيت صباح، فما كان من الفنانين إلا أن إلتهموا الديكين، ولم يتركوا منهما شيئاً.

“الطرطور” على رأس مديحة يسري:

جمعت الصداقة بين الفنان الراحل فريد الأطرش والفنانة القديرة مديحة يسري، وتوطدت العلاقة بينهما عندما مثلا مع بعضهما البعض في فيلم “شهر العسل” عام 1945.

وظهرت صورة نادرة لهما وهما يحتفلان بعيد رأس السنة، وكان فريد يمازح مديحة بتقديمه “طرطور الكريسماس” لها لتضعه على رأسها.

كذلك، إحتفل الفنان محمد فوزي والفنانة كوكا ومعهما الفنانتان مديحة يسري وهدى سلطان بليلة رأس السنة على طريقتهم الخاصة، في جو تغمره السعادة والفرح، والتقطت صورة نادرة لهم بالألوان الطبيعية، وكانوا حريصين على إرتداء القبعات الاحتفالية وحمل المزامير.

نيللي بالشعر الأحمر:

الفنانة الاستعراضية نيللي، ظهرت في صورة على غلاف مجلة “الكواكب”، بشعر لونه أحمر والى جانبها شجرة “الكريسماس”، مأخوذة من إحدى حفلات ليلة رأس السنة.

نعيمة عاكف تضع “الشطة” في قهوة النابلسي:

الفنانة الراحلة نعيمة عاكف، قامت بتنفيذ مقلب بالاشتراك مع الفنان الراحل محمد فوزي، بالفنان الراحل عبد السلام النابلسي، الذي كان يشرب قهوة، مع إرتدائه قبعة غريبة الشكل، فوضعت له شطة بدلاً من السكر كنوع من الدعابة، ودخلت في نوبة ضحك عندما رأت النابلسي يشرب المقلب.

وظهرت لها صورة أخرى فى إحدى المجلات، وهي جالسه بصحبة زوجها صلاح عبد العليم في فندق “الهيلتون”، أثناء حضورهما حفلة رأس السنة.

هكذا كانت الأجواء الاحتفالية لفناني الزمن الجميل بليلة رأس السنة، سهرات راقية، هادئة، دافئة، تسودها الألفة والمحبة، تشبه رقي فنهم، قبل أن تتحول سهرات فناني اليوم إلى إحتفالات صاخبة وصارخة وذات طابع تجاري لكسب المال الفاحش.

شارك المقال