رسائل السوشيال ميديا… مزيد من العزلة وانعدام التواصل 

تالا الحريري

لم يعد الادمان يقتصر على المخدرات وبعض الأدوية والحبوب والمسكنات، كما كان يعرف بحلته القديمة، فاليوم، تطور الى الإدمان على الهواتف والحواسيب وكل ما يتعلق بتطور التكنولوجيا التي أثرت على عقل الانسان وجعلت التحكم به سهلاً للغاية. وبتنا نشهد منذ إنطلاقة الهواتف الذكية وتطبيقات المراسلة إنعدام التواصل المباشر بين الناس، فمنهم من وجد في ذلك ملجأ لعزلته، ومنهم من إعتبر أنه سهل التواصل بين المسافات بدلاً من اللقاءات. ولكن هل من السليم إعتماد الرسائل النصية في كل مجالات الحياة وكل الاوقات؟

يوضح علماء النفس أنّ هناك قواعد لكتابة الرسائل النصية لأنّ عدم فهمها قد يسبب مشكلات نفسية أو اجتماعية للأفراد كالعزلة أو سوء فهم المغزى الحقيقي من هذه الرسائل. وحدد المتخصص في طب الأطفال وخدمات الاستشارات النفسية في مركز “Saint Point Medicine” للخدمات الصحية في ولاية كاليفورنيا الأميركية الباحث ران دي. أمبر، مجموعة من القواعد الخاصة بفن كتابة و”اتيكيت” الرسائل النصية، إذ اعتبر أنّ أفضل المواضيع التي يمكن تناولها من خلال الرسائل النصية تأكيد مواعيد اجتماعات العمل، والإبلاغ في حالة التأخر عن مواعيد الحضور والاستفسار عن معلومات مختصرة مثل أرقام الهواتف أو العناوين، أو للاستئذان من شخص ما قبل الاتصال به هاتفياً، وكذلك تحديد موقعك لتسهيل الوصول إليك أو إخبار شخص ما إنك على ما يرام.

يُفضَّل تفادي الأنباء السيئة، والأمور الشخصية والمحرجة، لما له من تأثير على الحالة النفسية. وحذر أمبر من توجيه رسائل نصية إلى شخص من دون سابق معرفة شخصية به، لأنك لا تعرف ما إذا كان هذا الشخص يشعر بالارتياح عند التواصل مع الآخرين عبر هذه الطريقة أم لا. 

وبالطبع في الكثير من الأحيان تُفهم الرسائل النصية بصورة خاطئة بسبب غياب لغة التواصل المباشرة مثل الإيماءات الحركية وتعبيرات الوجه ونبرة الصوت، فتلك المؤشرات تكشف حقيقة شعور كلا الطرفين، عدا عن الأضرار التي تنتج عن كتابة الرسائل النصية أثناء القيادة كحوادث السير. 

وبما أنّ ظاهرة التواصل بالرسائل باتت أكثر انتشاراً الآن، نرى انشغال كل أفراد العائلة بالهواتف في تجمعاتهم العائلية، حتى عند الجلوس مع شخص آخر لا يستطيع طرف منهما التخلي عن المراسلة بينما الطرف الثاني يتكلم، وهذا ما يظهر التجاهل وقلة الاهتمام. والأهم في موضوع المراسلة، عدم الرد على الرسائل التي تصدر من أطراف مجهولة لأنها قد تكون مرسلة من قراصنة الانترنت مما قد يؤدي الى الابتزاز أو حتى الاحتيال. 

 وأشار الصحافي المختص بمواقع التواصل الاجتماعي أمين أبو يحيى لـ”لبنان الكبير” إلى أنّ “وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً مهماً من حياة البشر وباتت تتوسع أكثر فأكثر. أصبحت هناك تطبيقات جديدة تجعل الناس تتلهى أكثر والعلاقات الاجتماعية باتت أصعب. في العام 2023 سيكون هناك الكثير من التغييرات بالنسبة الى وسائل التواصل الاجتماعي، إذ سيدخل الذكاء الاصطناعي على الخط وسيتمكن من القيام بنقلة نوعية في المجالات كافة سواء في السوشيال ميديا، الطب، الهندسة، الغرافيك، الرسم وغيره. وهذا بالطبع سيغير طبيعة الحياة التي اعتدنا عليها وستكون هناك وظائف جديدة”.

وأوضح أن “وسائل التواصل الاجتماعي كان لها وجهان، الايجابي أنّها استطاعت جمع الناس مع بعضهم البعض كبداية وخلقت وظائف جديدة وقامت بتغيّر في المجتمع بشكل أو بآخر. أمّا السلبي فهو أن وسائل التواصل باتت بيئة منفصلة عن الواقع، والناس صاروا يقضون ساعات طويلة على السوشيال ميديا إلى جانب أنّهم يتعرضون الى محتويات لا يجب أن يتعرضوا لها أو أنّ الأهل باتوا لا يكترثون لأبنائهم ويتلهون عن تربيتهم”.

شارك المقال