عيد الحب… بـ “طلّة خجولة”

جنى غلاييني

في العادة قبل أسبوعين من عيد الحب تبدأ التحضيرات له فيطغى اللون الأحمر على واجهات المتاجر وتتربع الورود الحمر في محال الأزهار وتأخذ “الدباديب” مكانها بين الهدايا أو تعلّق في الهواء معلنةً عن قدوم هذا اليوم المقدّس لدى البعض، ويترافق ذلك مع الاعلان عن الحفلات التي يحييها الفنانون في هذه المناسبة.

ولكن هذه السنة طغى الزلزال المدمّر الذي ضرب كلاً من سوريا وتركيا، ووصلت تردداته الى لبنان وبعض الدول القريبة، على أجواء هذا العيد، فرفض البعض القيام بأي نوع من الاحتفالات حداداً على أرواح الضحايا وخوفاً من تكرار الهزة، أمّا البعض الآخر فاعتبر أن لا رابط بين الاحتفال بعيد الحب والزلزال الذي حصد آلاف القتلى والجرحى، وخير مثال على ذلك أن عدداً من الفنانين يستعدون لاحياء ليلة عيد الحب مكتفين بالتعاطف مع ما حصل في تركيا وسوريا بوضع “story” أو تحميل صورة إنسانية على صفحات التواصل الاجتماعي، وكان الأجدى بهم إلغاء حفلاتهم تضامناً مع ما حصل.

الأمر لم يقتصر على الفنانين وحسب، ففي جولة لـ”لبنان الكبير” في مناطق بيروت، لاحظنا أن اللون الأحمر يزين العديد من واجهات المحال التجارية، ويقول صاحب محل كان يعج نوعاً ما بالزبائن: “نحن نحترم ما حصل من دمار محزن لأهلنا في سوريا وتركيا ولكن هذا باب رزق ولا يمكنني أن أستغني عن موسم أو عن عيد ينتظره الكثيرون للاحتفال به، خصوصاً وأننا نمر في أصعب ضائقة معيشية، لذا ما أقوم به هو عملي فقط، والحزن يبقى موجوداً في قلوبنا وندعو الله أن لا يصيبنا الأمر نفسه في لبنان”.

وعن إقبال الناس على شراء الهدايا، يعتبر أنه “مقبول نوعاً ما ولكن بالطبع ليس كما في السنوات الماضية، فالأسعار أصبحت مرتفعة جدّاً واضطررت الى رفع أسعاري وتسعير بعض البضائع بالدولار”.

وفي السياق، يوضح عبدالله ك. وهو مسؤول عن محل 1$ كبير، أنّ صاحب المحل طلب منه منذ 3 أيام أن يفرغ الواجهة من زينة وهدايا عيد الحب ومن اللون الأحمر والابقاء على عدد قليل من الهدايا داخل المحل كالدباديب والقلوب والشموع الحمر وبعض الزينة وغيرها، مشيراً الى أن “هذه الخطوة أتت بسبب حالة الحزن الشديد والأسى على ما أصاب سوريا وتركيا، خصوصاً وأنّنا شعرنا بالهزة الارتدادية التي أجبرتنا على الهروب من منازلنا خوفاً على أرواحنا، لذا طلب مني صاحب المتجر إزالة الزينة الحمراء عن الواجهة والاكتفاء بعرض الهدايا داخل المحل ولكن أيضاً ليس بصورة مبالغ فيها، وحتى الآن هناك زبائن عدّة يشترون هذه الهدايا، كون هذا العيد مهماً لبعض الناس”.

ولدى سؤال أحد زبائن المحل عن أهمية عيد الحب بالنسبة اليه وهل لا يزال قادراً مادياً على الاحتفال به، يجيب: “في الحقيقة منذ سنتين اقتنعت أنا وزوجتي بأن لا نحتفل به إطلاقاً نظراً الى ارتفاع أسعار كل شيء بصورة جنونية، ولست مضطراً لتفضيل هدية عيد الحب عن الأمور الأساسية، فالحب ممكن أن نحتفل به في أي وقت كان، والهدية يمكن أن تُشترى وتًقدّم للحبيب أيضاً وقتما أشاء، وفي نظرة على أسعار الهدايا اليوم، فأقل هدية يبدأ سعرها بـ 250 ألف ليرة وهي عبارة عن كوب قهوة أو شاي، فكيف ستكون الأسعار إذا فكّرت في أن أشتري لزوجتي عطراً أصلياً أو قطعة ملابس جديدة؟”.

شارك المقال